النّجاسات ، ولأنه يخل بجواز كونه حاكما وشاهدا ؛ فلأن يمنع من النبوّة أولى.
قوله : (وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ) «الرّهط» جماعة الرجل. وقيل : الرّهط والرّاهط لما دون العشرة من الرّجال ، ولا يقع الرّهط ، والعصب ، والنّفر ، إلّا على الرّجال.
وقال الزمخشريّ : «من الثّلاثة إلى العشرة ، وقيل : إلى السّبعة» ، ويجمع على «أرهط» و «أرهط» على «أراهط» ؛ قال : [مجزوء الكامل]
٣٠٠٩ ـ يا بؤس للحرب الّتي |
|
وضعت أراهط فاستراحوا (١) |
قال الرّمّانيّ : وأصل الكلمة من الرّهط ، وهو الشدّ ، ومنه «التّرهيط» وهو شدّة الأكل والرّاهطاء اسم لجحر من جحرة اليربوع ؛ لأنّه يتوثّق به ويحيا فيه أولاده.
فصل
المعنى : ولو لا حرمة رهطك عندنا لكونهم على ملتنا لرجمناك.
والرّجم في اللغة : عبارة عن الرّمي ، وذلك قد يكون بالحجارة عند قصد القتل ، ولمّا كان هذا الرّجم سببا للقتل سموا القتل رجما ، وقد يكون بالقول الذي هو القذف كقوله تعالى : (رَجْماً بِالْغَيْبِ) [الكهف : ٢٢] وقوله : (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ) [سبأ : ٥٣] ، وقد يكون بالشّتم واللعن ، ومنه الشيطان الرجيم ، وقد يكون بالطرد ، قال تعالى : (رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) [الملك : ٥] فعلى هذه الوجوه يكون المعنى : لقتلناك ، أو لشتمناك وطردناك.
قوله : (وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) قال الزمخشريّ (٢) «وقد دلّ إيلاء ضميره حرف النّفي على أنّ الكلام واقع في الفاعل لا في المفعول كأنّه قيل : وما أنت بعزيز علينا بل رهطك هم الأعزّة علينا ؛ فلذلك قال في جوابهم : (أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ) ولو قيل : «وما عززت علينا» لم يصحّ هذا الجواب».
والمعنى : أنك لمّا لم تكن علينا عزيزا ، سهل علينا الإقدام على قتلك وإيذائك.
واعلم أنّ هذه الوجوه التي ذكروها ليست مانعة لما قرره شعيب من الدّلائل ، بل هي جارية مجرى مقابلة الدليل والحجة بالشتم والسّفاهة.
قوله : (يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا).
اعلم أنّهم لمّا خوّفوه بالقتل ، وزعموا أنهم إنّما تركوا قتله رعاية لجانب قومه ،
__________________
(١) البيت لسعيد بن مالك : ينظر : الكتاب ٢ / ٢٠٧ والخصائص ٣ / ١٠٦ وجمل الزجاجي (١٨٨) والمحتسب ٢ / ٩٣ وشرح المفصل لابن يعيش ٢ / ١٠ ، ١٠٥ وأمالي ابن الشجري ١ / ٢٥٧ والمغني ١ / ٢١٦ والتصريح ١ / ١٩٩ والتهذيب ٦ / ١٧٦ ومقاييس اللغة ٢ / ٤٥١ واللسان (رهط) وشرح الحماسة ١ / ١٩٢ والدر المصون ٤ / ١٢٥.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٢٣ ـ ٤٢٤.