والدّنيا على أحسن الوجوه فكان هذا تسلية لأولئك المأمورين بمقاطعة الآباء والأبناء ، لأجل مصلحة الدّين ، وعدا لهم بأنهم إن فعلوا ذلك أوصلهم الله تعالى إلى أقاربهم وأموالهم ومساكنهم على أحسن الوجوه.
قال الواحديّ : «النّصر : المعونة على العدوّ خاصة» و «المواطن» : جمع «موطن» بكسر العين ، وكذا اسم مصدره ، وزمانه ، لاعتلال فائه ك : «الموعد» ، قال : [الطويل]
٢٧٧٣ ـ وكم موطن لو لاي طحت كما هوى |
|
بأجرامه من قنّة النّيق منهوي (١) |
و «حنين» : اسم واد بين مكة والطائف ، فلذلك صرفه ، وبعضهم جعله اسما للبقعة ، فمنعه في قوله : [الكامل]
٢٧٧٤ ـ نصروا نبيّهم وشدّوا أزره |
|
بحنين يوم تواكل الأبطال (٢) |
وهذا كما قال الآخر في «حراء» : اسم الجبل المعروف ، اعتبارا بتأنيث البقعة في قوله : [الوافر]
٢٧٧٥ ـ ألسنا أكثر الثّقلين رجلا |
|
وأعظمهم ببطن حراء نارا (٣) |
فصل
المراد بالمواطن الكثيرة : غزوات رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ويقال : إنها ثمانون موطنا ، فأعلمهم أنه تعالى هو الذي تولّى نصر المؤمنين ، ومن نصره الله فلا غالب له ، ثم قال
__________________
(١) البيت ليزيد بن الحكم في الأزهيّة ص ١٧١ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، ٣٤٢ ؛ والدرر ٤ / ١٧٥ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ص ٣٩٥ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٠٢ ؛ وشرح المفصل ٣ / ١١٨ ، ٩ / ٢٣ ؛ والكتاب ٢ / ٣٧٤ ؛ ولسان العرب (جرم) ، (هوا) ؛ والانصاف ٢ / ٦٩١ ؛ والجنى الداني ص ٦٠٣ ؛ وجواهر الأدب ص ٣٩٧ ؛ ورصف المباني ص ٢٩٥ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٢٨٥ ؛ وشرح ابن عقيل ص ٣٥٣ ؛ والبحر المحيط ٥ / ٢٤ والممتع في التصريف ١ / ١٩١ ؛ والمنصف ١ / ٧٢ ، والدر المصون ٣ / ٤٥٧ ، والبحر المحيط ٥ / ٢٤.
وفي البيت شاهدان : أوّلهما قوله : «لو لاي» حيث جاء بضمير الخفض بعد «لو لا» ، وهي من حروف الابتداء. قال سيبويه في باب ما يكون مضمرا فيه الاسم متحوّلا عن حالة إذا أظهر بعده : «وذلك «لو لاك» و «لو لاي» إذا أضمرت الاسم فيه جرّ ، وإذا أظهرت رفع ، ولو جاءت علامة الإضمار على القياس لقلت : لو لا أنت» (الكتاب ٢ / ٣٧٣).
والشاهد الثاني قوله : «منهوي» حيث جاء الوزن «انفعل» من «فعل» اللازم ، والقياس أن يأتي من «فعل» المتعدّي.
(٢) البيت لحسان ينظر : ديوانه (٣٩٣) الإنصاف ٢ / ٤٩٤ الفراء ١ / ٤٢٩ الصحاح [حنن] اللسان [حنن] الطبري ١٤ / ١٧٨ البحر المحيط (٥ / ٢٥) الدر المصون ٣ / ٤٥٧.
(٣) البيت لجرير وهو هكذا في الكتاب ٣ / ٢٤٥ ستعلم أينا خير قديما .... وأعظمنا ....
واللسان [حرى] والدر المصون ٣ / ٤٥٧ والمذكر والمؤنث لابن الأنباري ٢٤٩ والفراء ١ / ٤٢٩ ، ٢ / ١٧٥.