حقّه ، وثلث حقّه ، وحقّه كاملا وناقصا» فظاهر هذه العبارة أنها مبنية ، إذ عاملها محتمل لمعناها ولغيره. إلا أن أبا حيّان قال : هذه مغلطة ، إذا قال : «وفيته شطر حقّه» فالتوفية وقعت في الشّطر ، وكذا في الثّلث ، والمعنى : أعطيته الشطر والثلث كاملا لم أنقصه شيئا ، وأما قوله : «وحقّه كاملا وناقصا» أمّا كاملا فصحيح ، وهي حال مؤكدة ؛ لأنّ التوفية تقتضي الإكمال ، وأمّا «وناقصا» فلا يقال لمنافاته التّوفية. قال شهاب الدّين : «وفي منع الشيخ أن يقال : «وفّيته حقّه ناقصا» نظر ، إذ هو شائع في تركيبات النّاس المعتبر قولهم ؛ لا المراد بالتّوفية مطلق التّأدية».
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١١٠) وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١١) فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (١١٣) وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)(١١٥)
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ) الآية.
لمّا بيّن إصرار كفّار مكّة على إنكار التّوحيد ، وبيّن إصرارهم على إنكار نبوّة محمّدصلىاللهعليهوسلم وتكذيبهم بكتابه ، بيّن أنّ هؤلاء الكفّار كانوا على هذه السيرة الفاجرة ، مع كل الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسّلام ـ ، وضرب لذلك مثلا ، وهي إنزال التوراة على على موسى فاختلفوا فيه فقبله بعضهم وأنكره بعضهم ، وذلك يدلّ على أنّ عادة الخلق هكذا.
قوله : (فَاخْتُلِفَ فِيهِ) أي : في الكتاب ، و «في» على بابها من الظّرفية ، وهو هنا مجاز ، أي : في شأنه. وقيل : هي سببية ، أي : هو سبب اختلافهم ، كقوله تعالى : (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) [الشورى : ١١] أي : يكثّركم بسببه. ومعنى اختلافهم فيه : أي : فمن مصدق به ومكذب كما فعل قومك بالقرآن ، يعزّي نبيّه صلىاللهعليهوسلم.
وقيل : «في» بمعنى «على» ويكون الضّمير لموسى ـ عليه الصلاة والسّلام ـ أي :فاختلف عليه (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) في تأخير العذاب عنهم : (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) أي : لعذّبوا في الحال ، لكن قضاؤه أخّر ذلك عنهم في دنياهم.
وقيل : معناه أنّ الله إنّما يحكم بين المختلفين يوم القيامة ، وإلّا لكان الواجب تمييز المحقّ من المبطل في دار الدنيا.
وقيل : المعنى ولو لا أنّ رحمته سبقت غضبه ، وإلّا لقضي بينهم. ثم قال : (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) يعنى أنّ كفّار مكّة لفي شكّ من هذا القرآن «مريب» من أراب إذا