من يقول : «إن عمرا لمنطلق» ؛ كما قالوا : [الهزج]
٣٠٢٠ ـ ......... |
|
كأن ثدييه حقّان (١) |
قال : ووجهه من القياس : أنّ «إن» مشبهة في نصبها بالفعل ، والفعل يعمل محذوفا كما يعمل غير محذوف ، نحو : «لم يك زيدا منطلقا» «فلا تك في مرية» ، وكذلك : لا أدر.
قال شهاب الدّين (٢) : وهذا مذهب البصريين ، أعني : أنّ هذه الأحرف إذا خفّف بعضها جاز أن تعمل ، وأن تهمل ك : «إن» والأكثر الإهمال ، وقد أجمع عليه في قوله : (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) [يس : ٣٢] وبعضها يجب إعماله ك «أن» بالفتح ، و «كأن» ولكنّهما لا يعملان في مظهر ولا ضمير بارز إلا ضرورة ، وبعضها يجب إهماله عند الجمهور ك «لكن».
وأمّا الكوفيون فيوجبون الإهمال في «إن» المخففة ، والسّماع حجّة عليهم ؛ بدليل هذه القراءة المتواترة ؛ وقد أنشد سيبويه على إعمال هذه الحروف مخففة قول الشّاعر : [الطويل]
٣٠٢١ ـ ......... |
|
كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم (٣) |
وقال الفراء : لم نسمع العرب تخفّف وتعمل إلا مع المكنيّ ؛ كقوله : [الطويل]
٣٠٢٢ ـ فلو أنك في يوم الرّخاء سألتني |
|
طلاقك لم أبخل وأنت صديق (٤) |
قال : «لأنّ المكني لا يظهر فيه إعراب ، وأمّا مع الظاهر فالرفع». وقد تقدّم ما أنشده سيبويه ، وقول الآخر : [الرجز]
٣٠٢٣ ـ كأن وريديه رشاء خلب (٥)
الرّشاء : الحبل. والخلب : اللّيف. هذا ما يتعلق ب «إن».
وأمّا «لما» في هذه القراءة فاللّام فيها هي لام «إن» الدّاخلة في الخبر ، و «ما» يجوز أن تكون موصولة بمعنى «الذي» واقعة على ما يعقل ، كقوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) [النساء : ٣] ، فأوقع «ما» على العاقل ، واللّام في «ليوفّينّهم» ، جواب قسم مضمر ، والجملة من القسم وجوابه صلة للموصول ، والتقدير : وإن كلّا للذين والله ليوفّينّهم ، ويجوز أن تكون «ما» نكرة موصوفة ، والجملة القسمية وجوابها صفة ل «ما» والتقدير وإن كلّا لخلق أو لفريق والله ليوفينّهم. والموصول وصلته أو الموصوف وصفته خبر ل «إن».
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : الدر المصون ٤ / ١٣٦.
(٣) تقدم.
(٤) تقدم.
(٥) تقدم.