٣٠٢٩ ب ـ نحن قوم ملجنّ في زيّ ناس |
|
فوق طير لها شخوص الجمال |
يريد : من الجنّ. قال التبريزي في شرح الحماسة : وهذا مقيس ، وهو أن لام التعريف ، إذا ظهرت في الاسم حذف الساكن قبلها ؛ لأن الساكن لا يدغم في الساكن ؛ تقول : أكلت مالخبز ، وركبت ملخيل ، وحملت ملجمل.
وقد ردّ بعضهم قول الفرّاء بأنّ نون «من» لا تحذف إلّا ضرورة ، وأنشد : [المنسرح]
٣٠٣٠ ـ ......... |
|
......... ملكذب(١) |
الثالث : أنّ أصلها «لما» بالتّخفيف ، ثمّ شددت ، وإلى هذا ذهب أبو عثمان ، قال الزّجّاج : «وهذا ليس بشيء ؛ لأنّا لسنا نثقّل ما كان على حرفين ، وأيضا فلغة العرب على العكس من ذلك يخفّفون ما كان مثقّلا نحو : «رب» في «ربّ». وقيل في توجيهه : إنّه لمّا وقف عليها شدّدها ، كما قالوا : رأيت فرجّا ، وقصبّا ، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف ، وفي هذا نظر ؛ لأنّ التّضعيف إنّما يكون في الحرف إذا كان آخرا ، والميم هنا حشو ؛ لأنّ الألف بعدها ، إلّا أن يقال : إنّه أجرى الحرف المتوسط مجرى المتأخّر ؛ كقوله : [الرجز]
٣٠٣١ ـ مثل الحريق وافق القصبّا (٢)
يريد : القصب ، فلمّا أشبع الفتحة تولّدت منها ألف ، وضعّف الحرف ؛ وكذلك قوله : [الرجز]
٣٠٣٢ ـ ببازل وجناء أو عيهلّي |
|
كأنّ مهواها على الكلكلّ (٣) |
شدّد اللام مع كونها حشوا بياء الإطلاق ، وقد يفرّق بأنّ الألف والياء في هذين البيتين في حكم الطّرح ؛ لأنّهما نشآ من حركة بخلاف ألف : «لمّا» فإنّها أصلية ثابتة ، وبالجملة فهو وجه ضعيف جدّا.
الرابع : أنّ أصلها «لمّا» بالتنوين ثم بني منه «فعلى» فإن جعلت ألفه للتّأنيث ، لم تصرفه ، وإن جعلتها للإلحاق صرفته ، وذلك كما قالوا في «تترى» بالتنوين وعدمه ، وهو مأخوذ من قولك : لممته : أي جمعته ، والتقدير : وإن كلّا جميعا ليوفينّهم ، ويكون «جميعا» فيه معنى التوكيد ك «كل» ، ولا شكّ أنّ «جميعا» يفيد معنى زائدا على «كل» عند
__________________
(١) تقدم.
(٢) البيت لرؤبة. ينظر : ملحقات ديوانه ص ١٦٩ وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٣١٨ ولربيعة بن صبح في شرح شواهد الإيضاح ص ٢٦٤ ولأحدهما في شرح التصريح ٢ / ٣٤٦ والمقاصد النحوية ٤ / ٥٤٩ وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ٣٥٣ وخزانة الأدب ٦ / ١٣٨ وشرح الأشموني ٣ / ٧٨١ وشرح ابن عقيل ص ٦٧٣ وشرح المفصل ٣ / ٩٤ ، ١٣٩ ، ٩ / ٦٨ ، ٨ والدر المصون ٤ / ١٣٩.
(٣) البيت لمنظور بن مرثد. ينظر : الكتاب ٤ / ١٧٠ وشرح شواهد الشافية ٤ / ٢٤٦ وشرح المفصل لابن يعيش ٩ / ٦٨ والخصائص ٢ / ٢٥٩ واللسان (عهل) والدر المصون ٤ / ١٣٩.