ويجوز أن تكون مستأنفة. و (مِنْ أَوْلِياءَ) «من» فيه زائدة ، إمّا في الفاعل ، وإمّا في المبتدأ ، لأنّ الجارّ إذا اعتمد على أشياء ـ أحدها النّفي ـ رفع الفاعل.
قوله : (ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) العامّة على ثبوت نون الرّفع ؛ لأنه فعل مرفوع ، إذ هو من باب عطف الجمل ، عطف جملة فعلية على جملة اسمية. وقرأ زيد بن علي (١) ـ رضي الله عنهما ـ بحذف نون الرفع ، عطفه على «تمسّكم» ، والجملة على ما تقدّم من الحالية أو الاستئناف ، فتكون معترضة ، وأتى ب «ثمّ» تنبيها على تباعد الرّتبة.
فصل
معنى الآية : قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ : «ولا تميلوا» (٢).
والرّكون : هو المحبّة والميل بالقلب. وقال أبو العالية : لا ترضوا بأعمالهم (٣).
وقال السدي : لا تداهنوا الظّلمة (٤).
وعن عكرمة : لا تطيعوهم (٥) وقيل لا تسكنوا إلى الذين ظلموا «فتمسّكم» ، فتصيبكم (النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) أي : ليس لكم أولياء ولا أعوان يخلصونكم من عذاب الله ، ثمّ لا تجدوا من ينصركم.
قوله تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) الآية.
لمّا أمره بالاستقامة أردفه بالأمر بالصّلاة ، وذلك يدلّ على أنّ أعظم العبادات بعد الإيمان بالله هو الصلاة.
قوله : (طَرَفَيِ النَّهارِ) ظرف ل «أقم» ويضعف أن يكون ظرفا للصلاة ، كأنه قيل : أي أقم الصّلاة الواقعة في هذين الوقتين ، والطرف ، وإن لم يكن ظرفا ، ولكنّه لمّا أضيف إلى الظّرف أعرب بإعرابه ، وهو كقولك : أتيته أول النّهار ، وآخره ونصف الليل ، بنصب هذه كلها على الظرف لمّا أضيفت إليه ، وإن كانت ليست موضوعة للظّرفية.
وقرأ العامّة «زلفا» بضمّ الزاي ، وفتح اللام ، وهي جمع «زلفة» بسكون اللام ، نحو : غرف في جمع غرفة ، وظلم في جمع ظلمه. وقرأ أبو جعفر (٦) ، وابن أبي إسحاق بضمها ، وفي هذه القراءة ثلاثة أوجه :
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٢٦٩ والدر المصون ٤ / ١٤٥.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٢٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٦٣٧) وزاد نسبته إلى ابن المنذر.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٢٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٦٣٧) وعزاه إلى أبي الشيخ.
(٤) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٤٠٤).
(٥) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٦٣٧) وعزاه إلى أبي الشيخ عن عكرمة.
(٦) قرأ به أيضا طلحة بن مصرف وابن محيصن وعيسى ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢١٢ والبحر المحيط ولم يقرأ بها ابن محيصن ٥ / ٢٧٠ وينظر القراءة في الدر المصون ٤ / ١٤٥.