مجاهد (وَأَيَّدَهُ) بالتّخفيف. و (لَمْ تَرَوْها) صفة ل «جنود».
قوله : (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى) كلمتهم : الشرك وهي السفلى إلى يوم القيامة ، (وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا) إلى يوم القيامة. قال ابن عبّاس «هي قول : لا إله إلّا الله»(١).
وقيل : كلمة الذين كفروا ما قدروا في أنفسهم من الكيدية ، وكلمة الله : وعده أنه ناصره.
والجمهور على رفع «كلمة» على الابتداء ، و «هي» يجوز أن تكون مبتدأ ثانيا ، و «العليا» خبرها ، والجملة خبر الأوّل. ويجوز أن تكن «هي» فصلا ، و «العليا» الخبر. وقرأ يعقوب (٢)(وَكَلِمَةُ اللهِ) بالنّصب ، نسقا على مفعولي «جعل» أي : وجعل كلمة الله هي العليا.
قال أبو البقاء (٣) : وهو ضعيف ، لثلاثة أوجه :
أحدها : وضع الظّاهر موضع المضمر ، إذ الوجه أن يقول : وكلمته.
الثاني : أنّ فيه دلالة أنّ كلمة الله كانت سفلى ، فصارت عليا ، وليس كذلك.
الثالث : أنّ توكيد مثل ذلك ب «هي» بعيد ، إذ القياس أن يكون «إياها».
قال شهاب الدّين (٤) : أما الأول فلا ضعف فيه ؛ لأنّ القرآن ملآن من هذا النّوع ، وهو من أحسن ما يكون ؛ لأنّ فيه تعظيما وتفخيما.
وأمّا الثاني فلا يلزم ما ذكر ، وهو أن يكون الشّيء المصيّر على الضد الخاص ، بل يدلّ التّصيير على انتقال ذلك الشيء المصيّر عن صفة ما إلى هذه الصفة.
وأمّا الثالث ف «هي» ليست تأكيدا ألبتة ، إنما هي ضمير فصل على حالها ، وكيف يكون تأكيدا ، وقد نصّ النحويون على أنّ المضمر لا يؤكد المظهر؟.
ثم قال : (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) أي : قاهر غالب «حكيم» لا يفعل إلّا الصّواب.
قوله تعالى : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤١) لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٤٢) عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ)(٤٣)
قوله تعالى : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) الآية.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٣٧٦) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٤٣٩) وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في «الأسماء والصفات».
(٢) وقرأ بها أيضا الحسن بن أبي الحسن. قال الأعمش : ورأيت في مصحف أنس بن مالك المنسوب إلى أبيّ بن كعب : «وجعل كلمته هي العليا».
ينظر : الكشاف ٢ / ٢٧٢ ، المحرر الوجيز ٣ / ٣٦ ، البحر المحيط ٥ / ٤٦ ، الدر المصون ٣ / ٤٦٦.
(٣) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ٢ / ١٥.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٤٤٦.