بذلك بطريق الوحي والإلهام والكتاب المنزل إليه الذي وصفه الله بالنور الذي أنزله معه ، والمصلحة الكامنة في أُميته (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) تفوق كل مصلحة في خلافها ، وذلك لأنه لو لم يكن أمياً لأوهم شياطين زمانه من الكفار الناس بأن الكتاب الذي يدعي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أنه وحي منزل هو تأليف نفسه ، وقد فات عنهم هذه الوسيلة ، ولذا اختاروا الإغواء بافتراء آخر فقالوا : إن الكتاب يعلمه الغير ، وينظر إلى ذلك بالرد على الافتراء والإغواء قوله سبحانه (ولَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُه بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْه أَعْجَمِيٌّ وهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ). نحمد الله الذي أعطى كل شيء حقه ، وأكمل الحجة على أهل العصور المتتالية بالكتاب المنزل مع نبيه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ليكون معجزة خالدة لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والله العالم.
فضل الرسول (صلَّى الله عليه وآله) على الأنبياء (عليهم السلام)
ما يقول سماحتكم وقد طولبنا بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة على إثبات أن خاتم النبيين محمداً (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) هو أفضل الأنبياء والمرسلين على الإطلاق ومن جميع الجهات ، وأن ما ثبت لأهل بيته الميامين ما عدا النبوة من أنهم أفضل من سائر الأنبياء والمرسلين ، علماً بأنّ مبلغنا من العلم هو مجموعة من الروايات التي لا يقتنع بها خصومنا من جهة ، وعدم وثوقنا بقوة سندها من جهة أخرى؟
باسمه تعالى يدل على كونه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أشرف الأنبياء (عليهم السّلام) بقدومه آخر الأمر ، قال الله سبحانه في كتابه المجيد (وإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ ومُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُه أَحْمَدُ) .. إلى آخر الآية الشريفة ، ولو لم يكن المبشر به أرقى وأشرف لم يكن وجه للبشارة ، والبشارة إنما تكون إذا كان المترقب أشرف وأفضل كما لا يخفى ، وإن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قد أتعب نفسه الشريفة في رسالته وعمل بأكثر مما كلَّف به كما يدل على ذلك قوله تعالى (طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ