تقتضيه ، مثل أن لا يتوهم الناس الألوهية فيهم ، واستندوا في ذلك إلى بعض روايات وردت من طرقنا في نوم النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عن الصلاة وسهوه في صلاته وفاقاً لما روي من طرق العامة ، ونحن قد أجبنا عن ذلك في بحوثنا في كتاب الصلاة (مبحث أوقات الصلوات) وقلنا إن في نفس تلك الروايات الواردة عن أئمتنا (عليهم السّلام) قرينة تدل على أنها صدرت تقية ومراعاة لروايات العامة ، وقد ذكرنا هناك أن الصحيح ما عليه مشهور علمائنا الأبرار من عدم إمكان السهو على النبي والإمام صلوات الله عليهم حتى في الموضوعات الخارجية ؛ لأن هذا مما يوهن أمر النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والإمام (عليه السّلام) ويوجب الارتياب والشك للناس بالنسبة إلى بيان الأحكام الشرعية أيضاً ، وأما علم النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والإمام (عليه السّلام) بالنسبة إلى الموضوعات الخارجية فالقدر المتيقن منه عندنا أن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أو الإمام (عليه السّلام) إذا كان في علمه بالموضوع مصلحة وأراد أن يظهر الله تعالى له واقع الأمر يظهره له ، وأمّا قضية سواء بن قيس فظاهر المنقول فيها غير قابل للتصديق وكأن الواقعة على ما يظهر من بعض النقل لم تكن متحققة وإنما كان غرضه شيئاً آخر ، والنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لكونه رؤوفاً ورحيماً بالأمة لم يظهر الخلاف ، بل أظهر كأن ما يدعيه هو الواقع ، والوجه في عدم إمكان التصديق أن القصاص إنما يثبت في موارد الجناية عمداً ، وهذا غير محتمل بالنسبة إلى النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، والله العالم.
أقدمية الرسول (صلَّى الله عليه وآله) على الخلق
ما رأي سماحتكم في أن الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أقدم الخلق في خلقه التكويني حتى من آدم (عليه السّلام) ، وأن الرسول وآله (عليهم السّلام) خلقوا الخلق؟
باسمه تعالى المراد من الأقدمية في الخلق هو نوريته لا بدنه العنصري ، وقد تقدم أن الله سبحانه هو الذي خلق المخلوقات ، يقول الله سبحانه (ذلِكُمُ الله رَبُّكُمْ لا إِله إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوه وهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) ، الوكالة لا تمنع الاستنابة في الخلق ، وهذا ظاهر آيات كثيرة لا مجال لذكرها ، وخلق بعض الأشياء من بعض كخلق المضغة من العلقة وخلق