الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ابنته من عمر فقد ناقش البعض في أصل تحقق هذا الزواج وكتبوا فيه كتباً مستقلة (١) ، وعلى فرض تحقّقه فإنّه من باب التقية وقد عمل الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بوظيفته. ويؤيّد ذلك ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السّلام) بأنّه قال : «ذلك فرج أكرهنا عليه» وعنه (عليه السّلام) : ذلك فرج غصبناه (٢) ، وأيضاً عنه (عليه السّلام) قال : لما خطب إليه قال له أمير المؤمنين إنّها صبية. قال : فلقي العبّاس فقال له : ما لي ، أبي بأس؟! قال : وما ذاك؟ قال : خطبت إلى ابن أخيك فردّني ؛ أمّا والله لأُعوّرنّ زمزم ولا أدع لكم مكرمة إلا هدمتها ، ولأُقيمن عليه شاهدين بأنّه سرق لأقطعنّ يمينه! فأتاه العبّاس فأخبره ، وسأله أن يجعل الأمر إليه ، فجعله إليه (٣) ، وهذه الأخيرة كالثانية صحيحة سنداً. والله العالم.
الأئمة (عليهم السلام) يعلمون الغيب بقدر ما علمهم الله (عزّ وجلّ)
قال الشيخ المفيد (رضى الله عنه) في كتابه الموسوم بأوائل المقالات : وأقول : أن الأئمة من آل محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قد كانوا يعرفون ضمائر بعض العباد ويعرفون ما يكون قبل كونه ، وليس ذلك بواجب في صفاتهم ولا شرطاً في إمامتهم ، وإنما أكرمهم الله تعالى به وأعلمهم إياه للطف في طاعتهم والتمسك بإمامتهم ، وليس ذلك بواجب عقلًا ، ولكنه وجب لهم من جهة السماع. فأما إطلاق القول عليهم بأنهم يعلمون الغيب فهو منكر بيّن الفساد ؛ لأن الوصف بذلك إنما يستحقه من علم الأشياء بنفسه لا بعلم مستفاد ، وهذا لا يكون إلَّا لله عز وجل ، وعلى قولي هذا جماعة من أهل الإمامة إلَّا من شذ عنهم من المفوضة ومن انتمى إليهم من الغلاة.
أفلا تدل هذه المقالة للشيخ (قدّس سرّه) على عدم جواز إطلاق القول عليهم (عليهم السّلام) بأنهم
__________________
١) رسالة في خبر تزويج أُم كلثوم من عمر : تأليف العلامة السيد علي الحسيني الميلاني ، وكتاب افهام الأعداء في الخصوم : تأليف العلامة السيد حسين موسوي الهندي.
٢) فروع الكافي : ج ٥ ، كتاب النكاح ، باب تزويج أُم كلثوم.
٣) المصدر السابق.