الأول : أن يعرف الناس أن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بشر مثلهم ، وأنّه ينام كما ينام الناس ويجلس كما يجلسون ، ولا يرد في ذهنهم احتمال أنه الرب ، تعالى الله عن ذلك فإنّه الذي لا تأخذه سنة ولا نوم.
الثاني : أن لا يعيب الناس بعضهم على بعض ، فإن المؤمنين تحصل عندهم نفرة من الرجل الذي ينام عن الصلاة في وقتها حتى تفوته ويقضيها فيما بعد ، ويعيبونه على ذلك ويعيّرونه به ، لهذا اقتضت الحكمة الإلهية أن يستولي النوم على الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في هذه الواقعة ، وهو مع أصحابه ، فصلى الصبح قضاءً حتى لا تحدث سنة سيئة بين الناس ، ولا ينفر المسلمون بعضهم من البعض الآخر بهذا السبب ، لأن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) نفسه قد أُصيب بهذه الحالة.
وقال الصدوق أيضاً : إن السهو في النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من الله سبحانه ، وأما النسيان في سائر الناس فإنّما هو من الشيطان ، واستدلّ على قوله الأخير هذا بقوله تعالى (إِنَّه لَيْسَ لَه سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. إِنَّما سُلْطانُه عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَه والَّذِينَ هُمْ بِه مُشْرِكُونَ) (١).
أشار الصدوق (رحمه الله) إلى إشكال أورده الخاصة على خبر ذي الشمالين وهو : أن الراوي عن ذي الشمالين هو أبو هريرة ، وذو الشمالين قتل في وقعة بدر الواقعة في السنة الثانية للهجرة ، مع أنّ أبا هريرة لم يسلم إلَّا في السنة السابعة للهجرة ، فلا يمكن أن ينقل عنه في زمان كفره ، مضافاً إلى أنّ الرجل مجهول ، فالحديث غير صحيح.
__________________
١) سورة النحل : الآيتان ٩٩ ـ ١٠٠.