والتقرّب إليه ، وهذا يقتضي اللطف من الله بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، ونصب الأوصياء والأئمة (عليهم السّلام) ليأخذ الناس منهم سبيل الاهتداء ، وبما أنّ الحكمة هي ما ذكر في الخلق حيث يفصح عنه قوله تعالى (وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ، وبضميمة قوله سبحانه (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) يعلم أنّ الغاية من خلق الإنس والجنّ هي خلق الذين يعرفون الله سبحانه ويعبدونه ، ويهتدون بالهدي ، والسابقون على ذلك في علم الله سبحانه الذين يتخذون الحياة الدنيا وسيلة لكسب رضا ربّهم ، والتفاني في رضاه ، هم الأنبياء والأوصياء والأئمة (عليهم السّلام) ، والسابقون في هذه المرتبة هم نبيّنا محمّد والأئمة الأطهار (عليهم السّلام) من بعده. وبذلك يصحّ القول أنّهم علَّة غائية لخلق العباد ، لا بمعنى أنّ الخالق يحتاج إلى الغاية ، بل لأنّ إفاضة فيض الوجود بسبب ما سبق في علمه من أنّهم السابقون الكاملون في الغرض والغاية من الفيض ، والله العالم.
الصراط والميزان حقائق أم رموز؟
ما هو رأي الشارع الكريم فيمن يرى أنّ الصراط أمر رمزي فيقول : إنّ الكلمة لا تعبّر عن شيء مادّي ، فلم يرد في القرآن الحديث عن الصراط إلا بالطريق أو الخطَّ الذي يعبّر عن المنهج الذي يسلكه الإنسان إلى غاياته الخيّرة أو الشريرة في الحياة ، وبذلك يكون الحديث عن الدقّة في تصوير الصراط في الآخرة كناية عن الدقّة في التمييز بين خطَّ الاستقامة وخطَّ الانحراف؟ علماً بأنّ حديث المعصوم (عليهم السّلام) كثير في مجال تشخيص عينيّة الصراط وتجسّمه؟
باسمه تعالى الواجب على المسلم الاعتقاد بالصراط والميزان وغيرها من أُمور الآخرة ، على ما هي عليه في الواقع إجمالًا ، وأنّها حقّ لا ريب فيه ، وأمّا القول بأنّ الصراط أمر رمزيّ فهو قول بغير علم ، بل ظاهر بعض النصوص كون الصراط أمراً عينياً ، والله العالم.