باسمه تعالى إنّ الأمر الوارد في اتباع الفقهاء والعلماء والأخذ بحديث الثقات من الرواة أمر إرشادي لحجّية قولهم كما قرّر في علم الأُصول ، فلا بدّ من تقييده عقلًا بصورة عدم العلم بمخالفته للواقع ، فإنّ جُعل شيء طريقاً للواقع إنّما هو في فرض احتمال مطابقته للواقع.
وأمّا الأمر المذكور في الآية فهو أمر مولوي نفسي ، وحيث إنّه لا يعقل إطلاق الأمر وشموله لصورة أمر النبي وأُولي الأمر (عليهم السّلام) بما فيه مخالفة لأمر الله تعالى ، فلا محالة يكون مقتضى الإطلاق في الأمر بإطاعة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وأُولي الأمر هو عصمة الشخص المطاع مطلقاً ، فيكون المراد بأُولى الأمر الأئمة المعصومين (عليهم السّلام). ويؤكَّده قرن الأمر بطاعتهم بالأمر بطاعة الله ورسوله ، والله الهادي إلى سواء السبيل.
مفهوم الآية (عَبَسَ وتَوَلَّى)
ما هو رأيكم الشريف بمقولة من يرى أنّ آية (عَبَسَ وتَوَلَّى) نزلت بمناسبة عبوس الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وإعراضه عند مجيء عبد الله بن أم مكتوم؟
باسمه تعالى المروي عن الأئمة (عليهم السّلام) نزول الآية المذكورة في رجل كان في مجلس النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والآية المباركة عتاب ولوم لذلك الرجل الحاضر في مجلس النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، ومما يؤكَّد ذلك اشتمال السورة على مضامين لا تتناسب مع حديث القرآن الكريم عن شخصيّة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فمثلًا قوله تعالى (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَه تَصَدَّى وما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) ظاهر في أنّ المقصود بهذه الآيات شخص من دأبه التصدّي للأغنياء وإعراضه عن الفقراء وعدم الاهتمام بتزكيتهم ، وهذا مخالف صريح لقوله تعالى عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِه ويُزَكِّيهِمْ ويُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١) ، وكذلك قوله تعالى (وأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْه
__________________
١) سورة الجمعة : الآية ٢.