قال القفّال : ذكر الرّؤية الأولى ؛ ليدل على أنّه شاهد الكواكب ، والشّمس والقمر ، والثانية ؛ ليدل لا على مشاهدة كونها ساجدة له.
فصل
ذكر المفسرون : أنّ يوسف ـ عليهالسلام ـ رأى في المنام أحد عشر كوكبا ، والشمس والقمر يسجدون له ، وكان له أحد عشر من الإخوة يستضاء بهم ؛ كما يستضاء بالنّجوم ، ففسّر الكواكب : بالإخوة ، والشمس والقمر : بالأب والأم ، والسجود : بتواضعهم له ، ودخولهم تحت أمره ، وإنما حملنا الرّؤية على رؤية المنام ؛ لأن الكواكب لا تسجد في الحقيقة ، ولقول يعقوب ـ عليه الصلاة والسلام ـ : (لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ).
وقال السديّ : «القمر : خالته ، والشمس : أبوه ؛ لأن أمّه راحيل كانت قد ماتت»(١).
وقال ابن جريح : القمر : أبوه ، والشّمس : أمّه ؛ لأن الشمس مؤنثة ، والقمر مذكّر (٢).
وقال وهب بن منبّه ـ رضي الله عنه ـ : «إن يوسف ـ عليه الصلاة والسلام ـ رأى وهو ابن سبع سنين ، إحدى عشرة عصا طوالا كانت مركوزة في الأرض كهيئة الدّائرة ، وإذا عصا صغيرة وثبت عليها حتى اقتلعتها (٣) ، فذكر ذلك لأبيه ؛ فقال : إيّاك أن تذكر هذا لإخوتك ، ثمّ رأى وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، الشّمس ، والقمر والكواكب ، تسجد له ؛ فقصّها على أبيه ؛ فقال : لا تذكرها لهم فيكيدوا لك كيدا» (٤).
روى الزمخشريّ ـ رحمهالله ـ : «أن يهوديّا جاء إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال يا محمّد : أخبرني عن النّجوم التي رآهن يوسف ، فسكت النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ؛ فنزل جبريل ـ عليهالسلام ـ فأخبره بذلك ؛ فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ لليهوديّ : إن أخبرتك بذلك هل تسلم؟ قال : نعم ؛ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم وشرف وكرم ومجد وبجل وعظم : حرثان ، والطارق والذيال ، وقابس ، وعمودان ، والفليق ، والمصبح ، والقرع ، والضروح ووثاب ، وذو الكتفين ـ رآها يوسف ، والشمس والقمر [نزلن] (٥) من السّماء ، وسجدن له ، فقال اليهوديّ : إي والله إنّها لأسماؤها»(٦).
__________________
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٤٠٩).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٤٩) وذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٤٠٩).
(٣) في أ : تلقفتها.
(٤) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٨ / ٧٠).
(٥) في أ : نزلت.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٤٨) والحاكم (٢ / ١٧٢) والبزار كما في «المجمع» (٧ / ٤٢) وأبو يعلى كما في «المطالب» (٣ / ٣٤٤) رقم (٣٦٥٢) والعقيلي في «الضعفاء» (١ / ٢٥٩) وابن حبان في المجروحين (١ / ٢٥٠ ـ ٢٥١) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٦) وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي كلاهما في «دلائل النبوة».
وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.