وقال ابن أبي ليلى : إذا ضمن الرّجل عن صاحبه مالا ؛ تحوّل على الكفيل ، وبرىء الأصيل ، إلّا أن يشترط المكفول له عليهما أن يأخذ من أيهما شاء.
قوله «تالله» التاء حرف قسم ، وهي عند الجمهور بدل من واو القسم ولذلك لا تدخل إلّا على الجلالة المعظمة ، أو الرب مضافا للكعبة ، أو الرحمن في قول ضعيف ، ولو قلت : «تالرحمن» لم يجز ، وهي فرع الفرع. وهذا مذهب الجمهور.
وزعم السهيليّ : أنّها أصل بنفسها ، ويلازمها التّعجب غالبا كقوله : (تالله تفتأ تذكر يوسف).
وقال ابن عطيّة (١) : «والتّاء في «تالله» بدل من واو ، كما أبدلت في تراث ، وفي التّوراة ، وفي التخمة ، ولا تدخل التّاء في القسم ، إلّا في المكتوبة ، من بين أسماء الله ـ تعالى ـ وغير ذلك لا تقول تالرحمن ، وتا الرّحيم» انتهى وقد تقدّم أنّ السّهيليّ خالف في كونها بدلا من واو.
وأمّا قوله : «في التّوراة» يريد عند البصريين ، وزعم بعضهم أنّ التّاء فيها زائدة ، وأمّا قوله «إلا في المكتوبة» هذا هو المشهور ، وقد تقدّم دخولها على غير ذلك.
قوله : «ما جئنا» يجوز أن يكون معلقا للعلم ، ويجوز أن يضمن العلم نفسه معنى القسم فيجاب بما يجاب به القسم ، وقيل هذان القولان في قول الشاعر : [الكامل]
٣١٢٥ ـ ولقد علمت لتأتينّ منيّتي |
|
إنّ المنايا لا تطيش سهامها (٢) |
قوله (وَما كُنَّا سارِقِينَ) يحتمل أن يكون جوابا للقسم ، فيكونون قد أقسموا على شيئين: نفي الفساد ، ونفي السّرقة.
فصل
قال المفسرون : حلفوا على أمرين :
أحدهما : على أنهم ما جاءوا لأجل الفساد في الأرض ؛ لأنّه ظهر من أحوالهم وامتناعهم من التصرف في أموال النّاس بالكليّة لا بأكل ، ولا بإرسال في مزارع النّاس حتّى روي أنهم كانوا يسدون أفواه دوابهم لئلا يفسد زرع النّاس ، وكانوا مواظبين (٣) على أنواع الطّاعات.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٦٥.
(٢) البيت للبيد بن ربيعة ينظر : ديوانه ص ٣٠٨ وتخليص الشواهد ص ٤٥٣ وخزانة الأدب ٩ / ١٥٩ ـ ١٦١ والدرر ، ٢ / ٦٣ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٢٨ والكتاب ٣ / ١١٠ والمقاصد النحوية ٢ / ٤٠٥ وأوضح المسالك ٢ / ٦١ وشرح الأشموني ١ / ١٦١ وشرح شذور الذهب ص ٤٧١ وشرح قطر الندى ص ١٧٦ ومغني اللبيب ٢ / ٤٠١ والهمع ١ / ١٥٤ والدر المصون ٤ / ٢٠٠. وروي صدر البيت بلفظ صادفن منها غرة فأهبنها .....
(٣) في ب : ملازمين.