المبشرات إلّا الرّؤيا الصّالحة ، يراها [الرجل] (١) الصّالح ، أو ترى له» (٢) وقالصلىاللهعليهوسلم : [أصدقكم رؤيا ، أصدقكم حديثا (٣) ، وحكم صلىاللهعليهوسلم] (٤) بأنّها جزء من ستّة وأربعين جزءا من النّبوّة (٥) وروي : من سبعين ، وروي : من [تسعة] (٦) وأربعين ، وروي : من خمسين جزءا ، وروي : من ستّة وعشرين جزءا من النبوّة ، وروي : من أربعين ، والصحيح : حديث السّت والأربعين ، ويتلوه في الصّحة حديث السّبعين.
فإن قيل : إن يوسف ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان صغيرا ، والصغير لا حكم لفعله ، فكيف يكون لرؤياه حكم ، حتى يقول له أبوه : (لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ).
فالجواب : أن الرّؤيا إدراك حقيقة ، فتكون من الصّغير كما يكون منه الإدراك الحقيقيّ في اليقظة ، وإذا أخبر عمّا رأى في اليقظة ، صدق ؛ فكذلك إذا أخبر عمّا رأى في المنام ، وروي : أن يوسف ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان ابن اثنتي عشرة سنة.
فصل
في الآية دليل على أن الرّؤيا لا تقصّ على غير شقيق ولا ناصح ، ولا على امرىء لا يحسن التأويل فيها.
وروى الترمذيّ : أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «الرّؤيا برجل طائر ، ما لم يحدّث بها صاحبها ، فإذا حدّث بها ، وقعت ، فلا تحدّثوا بها إلا عارفا ، أو محبّا ، أو ناصحا» (٧).
قوله (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) الكاف في موضع نصب ، أو رفع.
فالنّصب إما على الحال من ضمير المصدر المقدّر ، وقد تقدم أنه رأي سيبويه ، وإمّا على النعت لمصدر محذوف ، والمعنى : مثل ذلك الاجتباء العظيم يجتبيك.
والرّفع على أنّه خبر ابتداء مضمر ، يعني : الأمر كذلك ، وقد تقدم نظيره.
قوله : (وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) مستأنف ليس داخلا في حيّز التشبيه ، والتقدير : وهو يعلمك ، والأحاديث : جمع تكسير ، فقيل : لواحد ملفوظ به ، وهو «حديث» ولكنّه شذّ جمعه على : أحاديث ، وله أخوات في الشّذوذ ؛ كأباطيل ، وأقاطيع ، وأعاريض ، في «باطل وقطيع وعروض».
[وزعم](٨) أبو زيد (٩) : «أن لها واحدا مقدرا ، وهو «أحدوثة» ونحوه ، وليس باسم
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه مسلم كتاب الرؤيا المقدمة (٥ ، ٦) وأحمد (٢ / ٢٦٩).
(٤) سقط في أ.
(٥) تقدم.
(٦) في ب : أربعة.
(٧) تقدم.
(٨) في ب وقال.
(٩) في أ : وزعم يزيد.