أحدها : أن يكون «عالم» هنا مصدرا ، قالوا : مثل الباطل فإنّه مصدر فهي كالقراءة المشهورة.
الثاني : أنّ ثمّ مضافا محذوفا ، تقديره : وفوق كل ذي مسمى عالم ؛ كقوله : [الطويل]
٣١٢٧ ـ إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما (١)
أي : مسمّى السّلام.
الثالث : أنّ «ذو» زائدة ؛ كقول الكميت : [الطويل]
٣١٢٨ ـ ..... ذوي آل النّبيّ ... |
|
........... (٢) |
فصل
قوله : (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) بالعلم كما رفعنا درجة يوسف على إخوته والمعنى : أنه خصّه بأنواع العلوم.
وهذه الآية تدلّ على أنّ العلم أشرف المقامات ، وأعلى الدّرجات لأنه تعالى لما هدى يوسف إلى هذه الحيلة مدحه لأجل ذلك فقال : (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ)(٣).
ثم قال : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ) عالم إلى أن ينتهي العلم إلى الله ـ عزوجل ـ فالله فوق كلّ عالم (٤).
والمعنى : أنّ إخوة يوسف كانوا علماء فضلاء ، إلّا أنّ يوسف كان زائدا عليهم في العلم.
واحتجّ المعتزلة بهذه الآية على أنّه ـ تعالى ـ عالم لذاته ؛ لأنّه لو كان عالما بالعلم ، لكان ذا علم ، ولو كان كذلك لحصل فوقه عليم تمسكا بهذه الآية.
قال ابن الخطيب (٥) : «وهذا باطل ؛ لأن أصحابنا قالوا : دلّت سائر الآيات على إثبات العلم لله ـ تعالى ـ وهو قوله : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) [لقمان : ٣٤] (أَنْزَلَ
__________________
(١) تقدم.
(٢) جزء من صدر بيت والبيت بتمامه :
إليكم ذوي آل النبي تطلعت |
|
نوازع من قلبي ظماء وألبب |
ينظر : الخصائص ٣ / ٢٧ واللسان (لبب) وابن يعيش ١ / ١٤٥ والمحتسب ١ / ٣٤٧ والخزانة ٢ / ٢٥٠ ، ٤ / ٣٠٧ والدر المصون ٤ / ٢٠٣.
(٣) سقط من : ب.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢٦٣) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٥٢) وزاد نسبته إلى الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في «الأسماء والصفات».
(٥) ينظر : الفخر الرازي ٨٨ / ١٤٦.