والعصبة : ما زاد على العشرة ، عن ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ ؛ وعنه : ما بين العشرة إلى الأربعين (١).
وقيل : الثلاثة نفر ، فإذا زادت على ذلك إلى تسعة ؛ فهو رهط ، فإذا بلغوا العشرة فصاعدا ، فعصبة.
وقيل : ما بين الواحد إلى العشرة.
وقيل : من عشرة إلى خمسة عشر.
وقيل : ستة. وقيل : سبعة. والمادّة تدلّ على الإحاطة من العصابة ؛ لإحاطتها بالرّأس.
فصل
بيّنوا السبب الذي لأجله قصدوا إيذاء يوسف : وهو أن يعقوب ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان يفضّل يوسف وأخاه على سائر أولاده في الحبّ ، فتأذّوا منه لوجوه :
أحدها : كانوا أكبر منه سنّا.
وثانيها : أنّهم كانوا أكثر قوّة ، وأكثر قياما بمصالح الأب منهما.
وثالثها : أنّهم القائمون بدفع المضار والآفات ، والمشتغلون بتحصيل المنافع والخيرات ، وإذا كانوا كذلك لا جرم قالوا : (إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ).
قال ابن الخطيب (٢) : «وها هنا سؤالات :
السؤال الأول : أن من المعلوم أن تفضيل بعض الأولاد على بعض ، يورث الحقد والحسد ، وهما يورثان الآفات ، فلما كان يعقوب ـ عليه الصلاة والسلام ـ عالما بذلك ، فلم أقدم على هذا التفضيل؟ وأيضا : فالأسنّ ، والأعلم ، والأنفع مقدّم ، فلم قلب هذه القضية؟.
فالجواب : أنّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ ما فضلهما على سائر أولاده إلا في المحبّة ، والمحبّة ليست في وسع البشر ، فكان معذورا فيه ، ولا يلحقه بسبب ذلك لوم ، قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «اللهمّ هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما لا أملك» حين كان يحبّ عائشة ـ رضي الله عنها ـ (٣).
السؤال الثاني : أن أولاد يعقوب إن كانوا قد آمنوا بكونه رسولا حقّا من عند الله ،
__________________
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٤١١).
(٢) ينظر : الفخر الرازي ١٨ / ٧٥.
(٣) أخرجه أحمد (٦ / ١٤٤) وأبو داود (١ / ٤٩٢) والترمذي (٢ / ٣٠٤) والنسائي (٧ / ٦٣ ـ ٦٤) والدارمي (٢ / ٤٠٤) وابن ماجه (١٩٧١) وابن أبي شيبة (٤ / ٣٨٦ ـ ٣٨٧) وابن حبان (١٣٠٥ ـ موارد) والحاكم (٢ / ١٨٧) والبيهقي (٧ / ٢٩٨) والخطيب في «الموضح» (٢ / ١٠٧) من طرق عن حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة.
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.