٣١٦١ ـ إلى الملك القرم وابن الهمام |
|
وليث الكتيبة في المزدحم (١) |
قال شهاب الدّين (٢) : وأين الوصف المعطوف عليه ؛ حتى نجعله مثل البيت الذي أنشده.
السادس : أن يكون «الّذي» مرفوعا نسقا على «آيات» كما تقدّمت حكايته عن الحوفي. وجوّز الحوفي أيضا : أن يكون «الحقّ» نعتا ل «الّذي» حال عطفه على «آيات الكتاب».
فتلخّص في «الحق» خمسة أوجه.
أنّه خبر أوّل ، أو ثان ، أو هو مع ما قبله ، أو خبرا لمبتدأ مضمر ، أو صفة ل «الّذي» إذا جعلناه معطوفا على «آيات».
فصل
قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنه ـ : أراد ب «الكتاب» القرآن ومعناه : هذه آيات الكتاب ، يعني : القرآن ، ثمّ ابتدأ ، وهذا القرآن (وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) وهذا زجر وتهديد (٣).
وقال مقاتل : نزلت في مشركي مكّة حين قالوا : إنّ محمدا صلىاللهعليهوسلم يقوله من تلقاء نفسه فردّ قولهم (٤).
فصل
تمسّك نفاة القياس بهذه الآية وقالوا : الحكم المستنبط بالقياس غير ما نزل من عند الله ـ تعالى ـ وإلّا لكان من لم يحكم به كافر ، لقوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) [المائدة : ٤٤] ، وبالإجماع لا يكفر ، فثبت أنّ الحكم المثبت بالقياس غير نازل من عند الله ـ تعالى ـ ، وإذا كان كذلك ، وجب ألّا يكون حقّا ، وإذا لم يكن حقّا ، وجب أن يكون باطلا ، لقوله تعالى : (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ) [يونس : ٣٢] وأجيب : بأن الحكم المثبت بالقياس نازل أيضا ؛ لأنّه ـ تعالى ـ أمر بالعمل بالقياس ، فكان الحكم الّذي دلّ عليه القياس نازلا من عند الله ـ تعالى ـ.
قوله تعالى (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) [الآية : ٢] لما ذكر أنّ أكثر النّاس لا يؤمنون ، ذكر عقبه ما يدلّ على صحّة التّوحيد ، والمعاد ، وهو هذه الآية.
قوله : «الله» قال الزّمخشريّ (٥) : «الله» مبتدأ ، و (الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ) خبره بدليل
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : الدر المصون ٤ / ٢٢٣.
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ٥).
(٤) ينظر : المصدر السابق.
(٥) ينظر : الكشاف ٢ / ٥١٢.