فصل
اختلفوا في الملقوط فقيل : إن أصله الحرية ؛ لغلبة الأحرار على العبيد ، وروى الحسين بن علي رضي الله عنهما بأنه قضى بأن اللقيط حرّ ، وتلا قوله تعالى : (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) وهذا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويروى عن علي وجماعته ، وقال إبراهيم النخعي : إن نوى رقه فهو مملوك ، وإن نوى الاحتساب فهو حر.
فصل
والسّيارة : جمع سيّار ، وهو مثال مبالغة ، وهم الجماعة الذين يسيرون في الطريق للسّفر ، وقال ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ : يريد : المارّة (١) ، ومفعول «فاعلين» محذوف ، أي : فاعلين ما يحصل به غرضكم. وهذا إشارة إلى أن الأولى : أن لا تفعلوا شيئا من ذلك ، وأما إن كان ولا بد ، فاقتصروا على هذا القدر ، ونظيره قوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) [النحل : ١٢٦] يعني : الأولى ألّا تفعلوا ذلك.
قوله تعالى : (قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ) الآية.
«تأمنّا» حال وتقدّم نظيره ، وقرأ العامّة : تأمنّا بالإخفاء ، وهو عبارة عن تضعيف الصّوت بالحركة ، والفصل بين النّونين ؛ لا لأن النون تسكن رأسا ؛ فيكون ذلك إخفاء ، لا إدغاما.
قال الدّاني : «وهو قول عامّة أئمّتنا ، وهو الصواب ؛ لتأكيد دلالته وصحّته في القياس».
وقرأ بعضهم ذلك (٢) : بالإشمام وهو عبارة عن ضمّ الشفتين ، إشارة إلى حركة الفعل مع الإدغام الصّريح ، كما يشير إليها الواقف ، وفيه عسر كثير ، قالوا : وتكون الإشارة إلى الضمة بعد الإدغام ، أو قبل كماله ، والإشمام يقع بإزاء معان هذا من جملتها.
ومنها : [إشراب](٣) الكسرة شيئا من الضمّ [نحو قيل ، (وَغِيضَ) [هود : ٤٤] وبابه ، وقد تقدم في أول البقرة](٤).
ومنها إشمام أحد الحرفين شيئا من الآخر ؛ كإشمام الصاد زايا في (الصِّراطَ) [الفاتحة : ٦] ، (وَمَنْ أَصْدَقُ) [النساء : ٨٧ ، ١٢٢] وبابهما ، وقد تقدم في الفاتحة ، والنساء ، فهذا خلط حرف بحرف ، كما أن ما قبله خلط حركة بحركة.
ومنها : الإشارة إلى الضّمّة في الوقف خاصّة ، وإنما يراه البصير دون الأعمى ،
__________________
(١) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٨ / ٧٧) عن ابن عباس.
(٢) ينظر : الدر المصون ٤ / ١٥٩.
(٣) في ب : إشمام.
(٤) سقط في أ.