وهذا يرد عليه : أن بعضهم جعلها في هذه الآية منصوبة بإضمار فعل ، أي : وجعل لهم طوبى ، وقد تأيد ذلك بقراءة عيسى الثقفي (وَحُسْنُ مَآبٍ) بنصب النون ، قال : إنه معطوف على «طوبى» وأنها في موضع نصب.
قال ثعلب : و «طوبى» على هذا مصدر ، كما قال : «سقيا».
وخرج هذه القراءة صاحب اللوامح على النداء ، كيا أسفى على الفوت ، يعني أن «طوبى» مضاف للضمير معه واللام مقحمة ؛ كقوله : [البسيط]
٣١٧٨ ـ ........... |
|
يا بؤس للجهل ضرّارا لأقوام (١) |
وقوله : [مجزوء الكامل]
٣١٧٩ ـ يا بؤس للحرب الّتي |
|
وضعت أراهط فاستراحوا (٢) |
ولذلك سقط التنوين من «بؤس» كأنه قيل : يا طيبا ، أي : ما أطيبهم وأحسن مآبهم.
قال الزمخشري (٣) : «ومعنى «طوبى لك» : أصبت خيرا ، و «طيبا» ومحلها النصب أو الرفع ، كقولك : طيبا لك وطيب لك ، وسلاما لك وسلام لك والقراءة في قوله (وَحُسْنُ مَآبٍ) بالنصب والرفع يدل على محلها ، واللام في «لهم» للبيان مثلها في «سقيا لك» فهذا يدل على أنها تتصرف ، ولا يلزم الرفع بالابتداء.
وقرأ مكوزة الأعرابي (٤) : «طيبى» بكسر الطاء لتسلم الياء ، نحو : بيض ومعيشة.
وقرىء (٥) : «وحسن مآب» بفتح النون ورفع «مآب» على أنه فعل ماض ، أصله حسن فنقلت ضمة العين إلى الفاء قصدا للمدح ، كقوله : حسن ذا أدب ، و «مآب» فاعله.
فصل
قال ابن عباس رضي الله عنهما : طوبى ، فرح لهم وقرة عين (٦).
وقال عكرمة : نعم ما لهم (٧). وقال قتادة : حسنى لهم (٨).
__________________
(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٢٨.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٢٨ والبحر المحيط ٥ / ٣٨٠ والدر المصون ٤ / ٤٢ ، وروح المعاني ١٣ / ١٥١ وفي البحر : بكرة.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٣٨١ والدر المصون ٤ / ٢٤٢.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٣٨١) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١١٠ ـ ١١١) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢٨٠) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١١١) وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وهناد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٨) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٣٨١) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١١١) وزاد نسبته إلى أبي الشيخ وابن أبي حاتم.