وقال معمر عن قتادة : هذه كلمة عربية ، يقول الرجل : طوبى لك ، أي : أصبت خيرا(١).
وقال إبراهيم ـ رحمهالله ـ : خير لهم وكرامة (٢). قال الفراء : وفيه لغتان : تقول العرب : طوباك ، وطوبى لك ، أي : لهم الطيب (وَحُسْنُ مَآبٍ) أي : حسن المنقلب.
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس : «طوبى» اسم الجنة بالحبشية (٣).
وقال الربيع : البستان بلغة الهند. وقال الزجاج : العيش الطيب لهم وروي عن أبي أمامة وأبي هريرة وأبي الدرداء قالوا : طوبى شجرة في الجنة تظل الجنان كلها وقيل (٤) فيها غير ذلك.
قوله تعالى : (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ)(٣٠)
قوله (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ) الكاف في محل نصب كنظائرها.
قال الزمخشري : «مثل ذلك الإرسال أرسلناك يعني : إرسالا له شأن».
وقيل : الكاف متعلقة بالمعنى الذي قبله في قوله (إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ) ، أي : كما أنفذ الله هذا كذلك أرسلناك.
وقال ابن عطية (٥) : «الذي يظهر لي أن المعنى كما أجرينا العادة بأن الله يضل ويهدي لا بالآيات المقترحة فكذلك فعلنا أيضا في هذه الأمة أرسلناك إليها بوحي لا بآيات مقترحة».
وقال أبو البقاء (٦) : وكذلك : «الأمر كذلك» فجعلها في موضع رفع.
وقال الحوفي : الكاف للتشبيه في موضع نصب ، أي : كفعلنا الهداية والإضلال والإشارة بذلك إلى ما وصف به نفسه من أن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء وتكون الكاف للتشبيه.
قال ابن عباس والحسن ـ رضي الله عنهم ـ أي : أرسلناك كما أرسلنا الأنبياء قبلك (٧).
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٣٨١) وذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ١٨).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٣٨١) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١١١) وزاد نسبته إلى أبي الشيخ.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٣٨١).
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٣٨٢) عن ابن عباس وأبي هريرة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١١١) عن ابن عباس وزاد نسبته إلى ابن المنذر وأبي الشيخ.
وذكره أيضا عن أبي هريرة وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وابن أبي الدنيا «صفة الجنة» وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٣١١.
(٦) ينظر : الإملاء ٢ / ٦٤.
(٧) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٩ / ٤١) عن ابن عباس والحسن كما ذكره القرطبي (٩ / ٢٠٨) عن الحسن.