اللّباب في علوم الكتاب [ ج ١١ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في اللّباب في علوم الكتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

كون الخبر مقابلا للمبتدأ ، وقد جاء مبينا ، كقوله (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) [النحل : ١٧] (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى).

والمعنى : أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ، أي : حافظها ورازقها وعالم بها ومجازيها بما عملت ، وجوابه محذوف ، تقديره : كمن ليس بقائم بل عاجز عن نفسه.

قوله (وَجَعَلُوا لِلَّهِ) يجوز أن يكون استئنافا ، وهو الظاهر ، جيء به للدلالة على الخبر المحذوف كما تقدم تقريره.

وقال الزمخشري (١) : «ويجوز أن تقدر ما يقع خبر للمبتدأ ويعطف عليه : «وجعلوا» وتمثيله : أفمن هو بهذه الصفة لم يوحدوه «جعلوا له» وهو الله تعالى أي : وهو الذي يستحق العبادة».

قال أبو حيان (٢) : «وفي هذا التوجيه إقامة الظاهر مقام المضمر في قوله تعالى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) أي : له ، وفيه حذف الخبر غير المقابل ، وأكثر ما جاء الخبر مقابلا».

وقيل : الواو للحال ، والتقدير : أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت موجودة والحال أنهم جعلوا له شركاء ، فأقيم الظاهر وهو «الله» مقام المضمر تقريرا للإلهية وتصريحا بها ، قاله صاحب العقد.

وقال ابن عطية : «ويظهر أن القول مرتبط بقوله (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) كان التقدير : أفمن له القدرة والوحدانية ، ويجعل له شريك أهل ينتقم ويعاقب أم لا؟».

وقيل : «وجعلوا» عطف على «استهزىء» بمعنى : وقد استهزؤوا وجعلوا.

وقال أبو البقاء (٣) : «هو معطوف على «كسبت» أي : ويجعلهم لله شركاء» ولما قرر هذه الحجة زاد في الحجاج فقال : «قل سمّوهم» وإنما يقال ذلك في الأمر المستحقر الذي بلغ في الحقارة إلى ألا يذكر ، ولا يوضع له اسم فعند ذلك يقال : سمه إن شئت ، يعني أنه [أخس](٤) من أن يسمى ويذكر ، ولكن إن شئت أن تضع له اسما فافعل ، وقيل : «سموهم» : أي : صفوهم ، ثم انظروا : هل هي أهل أن تعبد؟ على سبيل التهديد ، والمعنى : سواء سميتموهم باسم الآلهة أو لم تسموهم فإنها في الحقارة بحيث لا تستحق أن يلتفت العاقل إليها ، ثم زاد في الحجاج.

قوله (أَمْ تُنَبِّئُونَهُ) «أم» هذه منقطعة مقدرة ب «بل» والهمزة والاستفهام للتوبيخ بل أتنبؤونه شركاء لا يعلمهم في الأرض ونحوه (قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) [يونس : ١٨] فجعل الفاعل ضميرا عائدا على الله ، والعائد على «ما» محذوف تقديره : بما لا يعلمه الله ، وقد تقدم في تلك الآية : أن الفاعل ضمير يعود على «ما» وهو جائز هنا أيضا.

__________________

(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٣٢.

(٢) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٣٨٤.

(٣) ينظر : الإملاء ٢ / ٦٤.

(٤) في أ : أحضر.