سورة إبراهيم
مكيّة في قول الحسن ، وعكرمة ، وجابر (١). وقال ابن عباس ، وقتادة ـ رضي الله عنهم ـ وهي مكيّة إلا اثنتين (٢) ، وقيل : ثلاث من قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) [الآية : ٢٨] إلى قوله تعالى : (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) فإنها مدنية.
وهي اثنتان وخمسون آية ، وعدد كلماتها ثمان مائة وإحدى وثلاثون كلمة وعدد حروفها ثلاثة آلاف وأربعمائة وأربعة وثلاثون حرفا.
قال ابن الخطيب (٣) : ومتى لم يكن في السّورة ما لا يتصل بالأحكام فمكة والمدينة فيه سواء ، وإنّما يختلف الغرض في ذلك إذا حصل في السورة ناسخ ومنسوخ ؛ فيكون فيه فائدة عظيمة والله أعلم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى : (الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١) اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٢) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)(٣)
قوله تعالى : (الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ) يجوز أن يرتفع «كتاب» على أنّه خبر ل «الر» إن قلنا : إنّها مبتدأ ، والجملة بعده صفة ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ مضمر ، أي : هذا ، وأن يرتفع بالابتداء وخبره الجملة بعده ، وجاز الابتداء بالنكرة ؛ لأنّها موصوفة تقديرا ، تقديره : كتاب ، أي : كتاب يعني عظيما من بين الكتب السماوية.
قالت المعتزلة (٤) : النّازل ، والمنزل لا يكون قديما.
والجواب : أنّ الموصوف بالمنزل هو هذه الحروف وهي محدثة.
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٩ / ٢٢٢).
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٣٠) وعزاه إلى النحاس في «الناسخ والمنسوخ». وذكره القرطبي في «تفسيره» (٩ / ٢٢٢) عن ابن عباس وقتادة.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ١٩ / ٥٧.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ١٩ / ٥٧.