أحوال الأشقياء ، وأحوال السعداء ذكر مثالا للقسمين وفي «ضرب» ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه متعد لواحد بمعنى اعتمد مثلا ووضعه ، و «كلمة» على هذا منصوبة بمضمر ، أي : جعل كلمة طيبة كشجرة طيبة ، وهو تفسير لقوله : «ضرب الله مثلا» كقولك : شرف الأمير زيدا كساه حلّة ، وحمله على ضربين ، وبه بدأ الزمخشريّ.
قال أبو حيان (١) ـ رحمهالله ـ : «وفيه تكلف إضمار ، ولا ضرورة تدعو إليه».
قال شهاب الدين (٢) : «بل معناه محتاج إليه فيضطر إلى تقديره محافظة على لمح هذا المعنى الخاص».
الثاني : أنّ «ضرب» متعدية لاثنين ؛ لأنها بمعنى «صيّر» لكن مع لفظ المثل خاصة ، وقد تقدّم تقرير هذا أوّل الكتاب ، فيكون «كلمة» مفعولا أول ، و «مثلا» هو الثاني مقدم.
الثالث : أنّه متعدّ لواحد ، وهو «مثلا» ، و «كلمة» بدل منه ، و «كشجرة» خبر مبتدأ مضمر ، أي : هي كشجرة طيبة وعلى الوجهين قبله يكون «كشجرة» نعتا ل : «كلمة».
وقرىء «كلمة» بالرفع ، وفيه وجهان :
أحدهما : أنه خبر مبتدأ مضمر ، أي : هو ، أي : المثل كلمة طيبة ، ويكون «كشجرة» على هذا نعتا ل «كلمة».
والثاني : أنّها مرفوعة بالابتداء ، و «كشجرة» خبر.
وقرأ أنس (٣) بن مالك ـ رضي الله عنه ـ «ثابت أصلها».
قال الزمخشريّ (٤) : فإن قلت : أي فرق بين القراءتين؟ قلت : قراءة الجماعة أقوى معنى ؛ لأنّ قراءة أنس أجرت الصفة على الشجرة ، ولو قلت : مررت برجل أبوه قائم ، فهو أقوى من «رجل قائم أبوه» ؛ لأنّ المخبر عنه إنّما هو الأب ، لا «رجل». والجملة من قوله : «أصلها ثابت» في محلّ جرّ نعتا ل «شجرة».
وكذلك (تُؤْتِي أُكُلَها) ويجوز فيهما أن يكونا مستأنفين ، وجوز أبو البقاء في «تؤتي» أن يكون حالا من معنى الجملة التي قبلها ، أي : ترتفع مؤتية أكلها ، وتقدم الخلاف في «أكلها».
فصل
المعنى : ألم تعلم ، والمثل : قول سائر كتشبيه شيء بشيء : (كَلِمَةً طَيِّبَةً) هي قول : لا إله إلا الله (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) وهي النّخلة يريد : كشجرة طيبة الثمر.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٤١٠.
(٢) ينظر : الدر المصون ٤ / ٢٦٦.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٥٣ والمحرر الوجيز ٣ / ٣٣٥ والبحر المحيط ٥ / ٤١١ والدر المصون ٤ / ٢٦٦.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٥٣.