عرق راسخ ، وأصل قائم ، وفرع عال ، كذلك الإيمان لا يتمّ إلا بثلاثة أشياء : تصديق بالقلب وقول باللسان ، وعمل بالأبدان.
ثم قال تعالى ـ جل ذكره ـ (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) والمعنى : أن في ضرب الأمثال زيادة إفهام ، وتذكير وتصوير للمعاني.
وقوله : (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ) قرىء (١) بنصب «مثل» عطفا على : «مثل» الأوّل.
و «اجتثّت» «صفة ل «شجرة» ، ومعنى : «اجتثّت» قلعت جثتها ، أي : شخصها والجثة شخص الإنسان قاعدا أو قائما ويقال : اجتث الشيء أي اقتلعه ، فهو افتعال من لفظ الجثة ، وجثثت الشيء : قلعته.
قال لقيط الإيادي : [البسيط]
٣٢١٧ ـ هذا الجلاء الّذي يجتثّ أصلكم |
|
فمن رأى مثل ذا يوما ومن سمعا (٢) |
وقال الراغب (٣) : «جثّة الشيء : شخصه النّاتىء ، والمجثّة : ما يجثّ به والجثيثة لما بان جثّته بعد طبخه ، والجثجاث : نبت».
و «من قرار» يجوز أن يكون فاعلا بالجار قبله لاعتماده على النّفي ، وأن يكون مبتدأ ، والجملة المنفية إمّا نعت ل «شجرة» وإمّا حال من ضمير : «اجتثّت».
فصل في المراد بالشجرة الخبيثة
الكلمة الخبيثة هي الشرك : (كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) وهي الحنظل وقيل : هي الثوم.
وقيل : هي الكشوث وهل العسّة ، وهي شجرة لا ورق لها ، ولا عروق في الأرض.
[قال الشاعر :](٤) [البسيط]
٣٢١٨ ـ ........... |
|
وهي كشوث فلا أصل ولا ثمر (٥) |
وعن ابن عبّاس ـ رضي الله عنه ـ أنّها شجرة لم تخلق على وجه الأرض (٦).
«اجتثّت» اقتلعت من فوق الأرض (ما لَها مِنْ قَرارٍ) ثابت ، أي : ليس لها أصل ثابت في الأرض ولا فرع صاعد إلى السماء ، كذلك الكافر لا خير فيه ، ولا يصعد له قول طيب ، ولا عمل صالح.
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٥٣ والبحر المحيط ٥ / ٤١١ والدر المصون ٤ / ٢٦٧.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٥ / القرطبي ٥ / ٣٩٦ ، الأغاني ١٢ / ٣٥٦ ، الدر المصون ٤ / ٢٦٧.
(٣) ينظر : المفردات : ٨٨.
(٤) سقط في ب.
(٥) ينظر : اللسان (كشت) ، والقرطبي ٩ / ٢٣٧ ، وروح المعاني ١٣ / ٢١٥ ، والبحر المحيط ٥ / ٤١١ ورواية اللسان : هو الكشوت فلا أصل ولا ورق.
(٦) ذكره القرطبي (٩ (٢٣٧) وأخرجه الطبري (٧ / ٤٤٥) عن ابن عباس بمعناه.