«ليضلّوا» قرأ ابن كثير (١) وأبو عمرو هنا : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا) بفتح الياء والباقون بضمها من أصله ، واللام هي لام الجر مضمرة : «أن» بعدها ، وهي لام العاقبة لما كان مآلهم إلى ذلك ويجوز أن تكون للتعليل.
وقيل : هي مع فتح الياء للعاقبة فقط ، ومع ضمها محتملة للوجهين كأنّ هذا القائل توهم أنهم لم يجعلوا الأنداد لضلالهم ، وليس كما زعم ، لأن منهم من كفر عنادا واتخذ الآلهة ليضل بنفسه.
قوله تعالى : (قُلْ تَمَتَّعُوا) عيشوا في الدنيا : (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ إِلَى النَّارِ) خبر «إنّ» والمصير مصدر ، و «صار» التامة ، أي : فإنّ مرجعكم كائن إلى النّار.
وأجاز الحوفيّ أن يتعلق (إِلَى النَّارِ) ب «مصيركم».
وقد ردّ هذا بعضهم : بأنّه لو جعلناه مصدرا صار بمعنى انتقل ، و (إِلَى النَّارِ) متعلق به ، بقيت «إنّ» بلا خبر ، لا يقال : خبرها حينئذ محذوف ؛ لأنّ حذفه في مثل هذا يقلّ ، وإنّما يكثر حذفه إذا كان الاسم نكرة ، والخبر ظرفا أو جارّا ، كقوله : [المنسرح]
٣٢٢١ ـ إنّ محلّا وإنّ مرتحلا |
|
وإنّ في السّفر ما مضى مهلا (٢) |
قوله تعالى : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (٣١) اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (٣٣) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)(٣٤)
لما هدد الكفار ، وأوعدهم بالتّمتّع بنعيم الدنيا أمر المؤمنين بترك التمتع في الدنيا ، والمبالغة في الجهاد بالنفس والمال.
وفي «يقيموا» أوجه :
__________________
(١) ينظر : حجة القراءات ٣٧٨ والإتحاف ٢ / ١٦٩ والمحرر الوجيز ٣ / ٣٣٨ والبحر المحيط ٥ / ٤١٤ والدر المصون ٤ / ٢٦٨.
(٢) البيت للأعشى. ينظر : ديوانه (١٥٥) ، الكتاب ١ / ٢٨٤ ، المقتضب ٤ / ١٣٠ ، الخصائص ٢ / ٢٧٣ ، المحتسب ١ / ٣٤٩ ، دلائل الإعجاز / ٢١٠ ، أمالي ابن الشجري ١ / ٣٢٢ ، ابن يعيش ١ / ٣٠ ، ٨ / ٧٤ ، المقرب ٢٠ ، الخزانة ٤ / ٣٨١ ، مغني اللبيب ٨٢ ، شرح شواهد المغني ٢ / ١٦١ ، الهمع ١ / ١٣٦ ، الدرر ١ / ١١٣ ، الدر المصون ٤ / ٢٦٩. سر صناعة الإعراب ٢ / ٥٧١ ، حاشية يس ١ / ١٦٩ ، الشعر والشعراء ص ٧٥ ، لسان العرب (رحل) ، الأشباه والنظائر ٢ / ٣٢٩ ، أمالي ابن الحاجب ١ / ٣٤٥ ، رصف المعاني ص ٢٩٨ ، الصاحبي في فقه اللغة ص ١٣٠ ، الدر المصون ٤ / ٢٦٩.