الخامس : أن ينتصب ب «مخلف».
السادس : أن ينتصب ب «وعده» ، و «إنّ» وما بعدها اعتراض.
ومنع أبو البقاء هذين الآخرين ، قال (١) : «لأن ما قبل «إنّ» لا يعمل فيما بعدها».
وهذا غير مانع ؛ لأنه كما تقدّم اعتراض ، فلا يبالى به فاصلا.
فصل
التّبديل يحتمل وجهين :
الأول : أن تكون الذّات باقية ، وتبدل الصفة بصفة أخرى ، كما تقول : بدلت الحلقة خاتما ، إذا أذبتها وسويتها خاتما فنقلتها من شكل إلى شكل آخر ، ومنه قوله تعالى : (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) [الفرقان : ٧٠] ، ويقال : بدّلت قميصي جبّة ، إذا قلبت عينه فجعلته جبّة ، وقال الشاعر : [الطويل]
٣٢٤٧ ـ فما النّاس بالنّاس الذين عرفتهم |
|
ولا الدّار بالدّار الّتي أنت تعلم (٢) |
الثاني : أن تفني الذات ، وتحدث ذاتا أخرى ، كقولك : بدّلت الدّراهم دنانير ومنه قوله تعالى : (وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ) [سبأ : ١٦].
وإذا عرفت أن اللفظ محتمل للوجهين ففي الآية قولان :
الأول : قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : هي تلك الأرض ، إلّا أنها تغير صفتها فتسير عنها جبالها ، وتفجر أنهارها ، وتسوى ، فلا (تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً)(٣) [طه : ١٠٧] وقال صلىاللهعليهوسلم : «تبدّل الأرض غير الأرض ، فيبسطها ، ويمدّها مدّ الأديم [العكاظي](٤) لا ترى فيها عوجا ولا أمتا». وتبدل السموات بانتثار كواكبها وانفطارها وتكوير شمسها ؛ وخسوف قمرها ، وكونها تكون تارة كالمهل ، وتارة كالدهان (٥).
والقول الثاني : تبديل الذات. قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : تبدل بأرض كالفضّة البيضاء النّقية ، لم يسفك فيها دم ، ولم يعمل عليها خطيئة (٦).
__________________
(١) ينظر : الإملاء ٢ / ٧١.
(٢) ينظر : مجالس ثعلب ١ / ٤٩ ، روح المعاني ١٣ / ٢٥٤ ، الكشاف ٢ / ٣٨٤ ، شواهد الكشاف ٤ / ٢٥٨ ، البحر المحيط ٥ / ٤٢٧ ، العقد الفريد ٢ / ١٤٨ ، الدر المصون ٤ / ٢٨١.
(٣) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٩ / ١١٦).
(٤) في ب : العاكظي.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٤٨٢).
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٤٧٩) والحاكم (٤ / ٥٧٠) والطبراني في «الكبير» كما في «المجمع» (٧ / ٤٨).
وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وذكره الهيثمي في «المجمع» (٧ / ٤٨) وقال : وإسناده جيد.
وذكره أيضا السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٦٧) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ في «العظمة» والبيهقي في «البعث».