قال شهاب الدين (١) : «فيؤدّي التقدير إلى أن يبقى التركيب : هذا بلاغ للإنذار والإنذار لا يتأتي فيه ذلك».
وقرأ العامة : «لينذروا» مبنيّا للمفعول. وقرأ مجاهد (٢) وحميد بن قيس : «ولتنذروا» بتاء مضمومة ، وكسر الذال ـ كأن البلاغ للعموم ، والإنذار للمخاطبين ، وقرأ (٣) يحيى بن عمارة الدراع عن أبيه وأحمد بن يزيد بن أسيد السلمي «ولينذروا» بفتح الياء والذال من نذر بالشّيء ، أي : علم به فاستعد له.
قالوا : ولو لم يعرف مصدر فهو ك «عسى» ، وغيرها من الأفعال التي لا مصادر لها.
فصل
معنى «لينذروا» أي : وليخوفوا به (وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) أي : يستدلّوا بهذه الآيات على وحدانيّة الله ـ تعالى ـ : (وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي : يتّعظ أولو العقول.
قال القاضي (٤) : أول هذه السورة ، وآخرها يدلّ على أنّ العبد مستقل بفعله إن شاء أطاع ، وإن شاء عصى.
أمّا أوّل هذه السورة فقوله تعالى : (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) وقد ذكرناه هناك.
وأمّا آخر السورة فقوله تعالى : (وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) يدلّ على أنّه ـ تعالى ـ إنّما أنزل هذه السورة ، وذكر هذه المواعظ ؛ لأجل أن ينتفع بها الخلق ؛ فيصيروا مؤمنين مطيعين ، ويتركوا الكفر والمعصية ، وقد تقدم جوابه.
روى أبو أمامة عن أبي بن كعب ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ سورة إبراهيم أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من عبد الأصنام ، ومن لم يعبدها» (٥).
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٤ / ٢٨٤.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٤٢٩ والدر المصون ٤ / ٢٨٤.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٣٤٨ والبحر المحيط ٥ / ٤٢٩ والدر المصون ٤ / ٢٨٤.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ١٩ / ١١٨.
(٥) ذكره الزيلعي في «تخريج الكشاف» (٢ / ٢٠٥) وعزاه للثعلبي من طريق أبي أمامة عن أبي بن كعب.
ولابن مردويه والواحدي وهو حديث موضوع.