جوابها محذوفا ، تقديره : لو كانوا مسلمين لسرّوا أو تخلصوا مما هم فيه ، ومفعول «يودّ» محذوف على هذا التقدير ، أي : ربما يودّ الذين كفروا النجاة ، دلّ عليه الجملة الامتناعية.
والثاني : أنّها مصدرية عند من يرى ذلك ، كما تقدم تقريره في البقرة [البقرة : ٩٦] ؛ وحينئذ يكون هذا المصدر المؤول هو المفعول للودادة ، أي : يودّون كونهم مسلمين ، إن جعلنا «ما» كافة ، وإن جعلناها نكرة ، كانت «لو» وما في حيّزها بدلا من «ما».
فصل
المعنى : يتمنّى الذين كفروا لو كانوا مسلمين ، واختلفوا في الحال التي يتمنى الكافر فيها.
قال الضحاك : حال المعاينة (١).
وقيل : يوم القيامة.
والمشهور : أنه حين يخرج الله المؤمنين من النار.
روى أبو موسى الأشعريّ ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا اجتمع أهل النّار في النّار ، ومعهم من شاء الله من أهل القبلة ، قال الكفّار لمن في النّار من أهل القبلة : ألستم مسلمين؟ قالوا : بلى ، قالوا : فما أغنى عنكم إسلامكم ، وأنتم معنا في النّار ، قالوا : كانت لنا ذنوب فأخذنا بها ، [فيغفر] (٢) الله لهم ، بفضل رحمته ، فيأمر بإخراج كلّ من كان من أهل القبلة في النّار ، فيخرجون منها ، فحينئذ يودّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين» (٣).
__________________
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ٤٣).
(٢) في ب : فيتفضل.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٤٨٩) وابن أبي عاصم في «السنة» (٢ / ٤٤٢) والحاكم (٢ / ٤٠٥) والطبراني كما في مجمع الزوائد» (٧ / ٤٨) من طريق خالد بن نافع الأشعري عن سعيد بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى مرفوعا.
وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وخالد بن نافع فيه ضعف.
فقد ذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (٣ / ٣٥٥) ونقل عن أبيه قوله : شيخ ليس بالقوي وقال أبو زرعة ضعيف الحديث.
وذكره ابن حبان في «الثقات».
وقال الهيثمي في «المجمع» (٧ / ٤٨) : وفيه خالد بن نافع الأشعري قال أبو داود : متروك ، قال الذهبي : هذا تجاوز في الحد فلا يستحق الترك فقد حدث عنه أحمد بن حنبل وغيره.
وللحديث شاهد عن ابن عباس موقوفا :
أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٤٨٩) والحاكم (٢ / ٣٥٣) وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وله شاهد آخر :
أخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٢ / ٤٠٦) رقم (٨٤٤) من طريق أبي الخطاب العتكي عن أنس بن مالك مرفوعا.