٣٢٧٢ ـ إذا لقحت حرب عوان مضرّة |
|
ضروس تهرّ النّاس أنيابها عصل (١) |
الثالث : أنّها جمع لاقح ، على النسب ؛ كلابن وتامر ، أي : ذات لقاح ، لأنّ الرّيح إذا مرّت على الماء ، ثم مرّت على السّحاب ، والماء ، كان فيها لقاح قاله الفراء.
فصل
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : الرياح لواقح الشّجر والسّحاب (٢) ؛ وهو قول الحسن ، وقتادة ، والضحاك ؛ لأنها تحمل الماء إلى السحاب ؛ وأصله من قولهم : لقحت الناقة ، وألقحها الفحل ، إذا ألقى الماء فيها فحملت.
قال ابن مسعود في تفسير هذه الآية : بعث الله الرياح ؛ لتلقيح السحاب ، فتحمل الماء ، وتمجّه في السحاب ، ثم إنه يعصر السحاب ، ويدره كما يدر اللقحة (٣).
وقال عبيد بن عمير : يبعث الله الريح المبشرة ، فتقم الأرض قما ، ثم يبعث المثيرة فتثير السحاب ، ثم يبعث المؤلفة ، فتؤلف السحاب بعضه إلى بعض ، فتجعله ركاما ، ثم يبعث اللواقح ، فتلقح الشّجر ثم تلا عبيد : «وأرسلنا الرياح لواقح» (٤) قال أبو بكر بن عيّاش ـ رضي الله عنه ـ : لا تقطر القطرة من السماء إلا بعد أن تعمل الرياح الأربعة فيها ، فالصّبا تهيّجه ، والشّمال تجمعه والجنوب تدرّه ، والدّبور تفرّقه (٥).
فصل
قال القرطبيّ : «روي عن مالك ـ رضي الله عنه ـ في قوله تعالى : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) ، أي : ذوات لقح ، فلقاح القمح عندي أن يحبب ويسنبل ، ولقاح الشّجر كلها : أن تثمر ويسقط منها ما يسقط ، ويثبت منها ما يثبت».
قال ابن العربيّ ـ رحمهالله ـ : إنما عوّل مالك على هذا التفسير على تشبيه الشجر بلقاح الجمل ، وأنّ الولد إذا عقد وخلق ونفخ فيه الروح ، كان بمنزلة تحبب الثّمر ، وتسنبله ؛ لأنه سمّي باسم تشترك فيه كلّ حاملة ، وهو اللّقاح ، وعليه جاء الحديث : «نهى النبيّ صلىاللهعليهوسلم عن بيع الحبّ حتّى يشتد» (٦).
قال ابن عبد البرّ : «الإبار عند أهل العلم في النخل : التّلقيح ، وهو أن يأخذ شيئا
__________________
(١) تقدم.
(٢) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٩ / ١٣٩).
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٥٠٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٧٩) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والخرائطي في «مكارم الأخلاق».
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٥٠٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٧٩) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ في «العظمة».
(٥) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ٤٧).
(٦) أخرجه الحاكم (٢ / ١٩) والبيهقي (٥ / ٣٠٣) وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه إنما اتفقوا على حديث نافع عن ابن عمر في النهي عن بيع التمر حتى يزهى.