وقيل : المستقدمين : القرون الأولى ، والمستأخرين : أمة محمد صلىاللهعليهوسلم.
وقال الحسن : المستقدمين : في الطّاعة والخير ، والمستأخرين : في صفّ القتال (١).
وقال ابن عيينة : أراد من سلم ، ومن لم يسلم.
وقال الأوزاعيّ : أراد المصلّين في أول الوقت ، والمؤخّرين إلى آخره.
روى أبو الجوزاء ، عن ابن عباس : كانت امرأة حسناء تصلّي خلف النبي صلىاللهعليهوسلم فكان قوم يتقدمون إلى الصف الأول ؛ لئلا يرونها ، وآخرون يتأخّرون ، ليرونها (٢).
وفي رواية : أنّ النساء كنّ يخرجن إلى الجماعة ، فيقفن خلف الرجال ، ومن النساء من في قلبها ريبة ؛ فتقدم إلى أول صفّ النساء ؛ لتقرب من الرجال ؛ فنزلت الآية ، فقال النبيصلىاللهعليهوسلم : «خير صفوف الرّجال أوّلها وشرّها آخرها ، وخير صفوف النّساء آخرها وشرّها أوّلها»(٣).
وروي أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم رغّب في الصف الأول في الصلاة [فازدحم] الناس عليه ؛ فأنزل الله ـ تبارك وتعالى ـ هذه الآية (٤).
والمعنى : إنّا نجزيهم على قدر نيّاتهم.
فصل
قال القرطبي (٥) : «هذه الآية تدلّ على فضل أول الوقت في الصلاة ، وعلى فضل الصف الأوّل ، وكما تدل على فضل الصف الأول في الصّلاة ، كذلك تدلّ على فضل الصفّ الأول في القتال ؛ فإنّ القيام في وجه العدوّ ، وبيع العبد نفسه من الله ـ تعالى ـ لا يوازيه عمل ، ولا خلاف في ذلك».
واعلم أنّ ظاهر الآية يدل على أنه لا يخفى على الله شيء من أحوالهم ؛ فيدخل فيه
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٥٠٩) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٨١) وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه أحمد (١ / ٣٠٥) والترمذي (٣١٢١) والنسائي في «الكبرى» (٦ / ٣٧٤) وابن ماجه (١٠٤٦) والطبري في «تفسيره» (٧ / ٥١٠) وابن خزيمة (٣ / ٩٧ ـ ٩٨) رقم (١٦٩٦) وابن حبان (١٧٤٩ ـ موارد) والحاكم (٢ / ٣٥٣) والبيهقي (٣ / ٩٨) والطبراني في «الكبير» (١٢ / ١٧١) رقم (١٢٧٩١) والطيالسي (٢ / ٢٠) رقم (١٩٦٠) والواحدي في «أسباب النزول» ص (٢٠٧) من طرق عن أبي الجوزاء عن ابن عباس.
وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٨٠) وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.
(٣) أخرجه مسلم (١ / ٣٢٦) كتاب الصلاة : باب تسوية الصفوف رقم (١٣٢ / ٤٤٠).
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٨١) عن مجاهد مرسلا وعزاه إلى ابن أبي شيبة.
(٥) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٠ / ١٥.