وابن عامر ، وأبو عمرو : «المخلصين» بكسر اللام ، والباقون : بفتح اللّام.
ومعنى القراءة الأولى : أنهم أخلصوا دينهم عن الشّوائب ؛ ومن فتح اللّام ، فمعناه : الذين أخلصهم الله بالهداية.
فصل
قال ابن الخطيب (١) : «واعلم أنّ الذي حمل «إبليس» على ذكر هذا الاستثناء ألّا يصير كاذبا في دعواه ، فلما احترز «إبليس» عن الكذب ، علمنا أنّ الكذب في غاية الخساسة».
فصل
قال رويم : «الإخلاص في العمل : هو ألّا يريد صاحبه عليه عوضا في الدّارين ، ولا عوضا من المكلفين».
وقال الجنيد ـ رضي الله عنه ـ : الإخلاص : سرّ بين العبد ، وبين الله ـ تعالى ـ لا يعلمه ملك فيكتبه ، ولا شيطان فيفسده ، ولا هوى فيميله.
وذكر القشيريّ ، وغيره عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «سألت جبريل ـ عليهالسلام ـ عن الإخلاص ما هو؟ فقال : سألت ربّ العزّة عن الإخلاص ما هو؟ فقال : سرّي استودعته قلب من أحببته من عبادي» (٢).
قوله تعالى : (قالَ هذا صِراطٌ) «هذا» إشارة إلى الإخلاص المفهوم من المخلصين.
وقيل : إلى انتفاء تزيينه ، وإغوائه على من مرّ عليه ، أي : على رضواني ، وكرامتي.
وقيل : «على» بمعنى : «إلى» ، نقل عن الحسن.
وقال مجاهد : الحقّ يرجع إلى الله ـ تعالى ـ وعليه طريقه ، لا تعرج على شيء.
وقال الأخفش : يعني عليّ الدّلالة على الصراط المستقيم.
وقال الكسائي : هذا على التّهديد والوعيد ؛ كما يقول الرجل لمن يخاصمه : طريقتك علي أن لا تفلت منّي ، قال تعالى : (لَبِالْمِرْصادِ) [الفجر : ١٤].
وقرأ الضحاك (٣) ، وقتادة ، وأبو رجاء ، وابن سيرين ، ويعقوب في آخرين : «عليّ» ، أي : عال مرتفع.
وعبّر بعضهم عنه : رفيع أن ينال «مستقيم» أن يمال.
__________________
(١) ينظر : الفخر الرازي ١٩ / ١٤٩.
(٢) ذكره الزبيدي في «إتحاف السادة المتقين في شرح إحياء علوم الدين» (١٠ / ٤٤).
(٣) ينظر : المحتسب ٢ / ٣ ، الإتحاف ٢ / ١٧٥ ، البحر ٥ / ٤٤٢ ، والقرطبي ١٠ / ٢٠ ، والدر المصون ٤ / ٢٩٧.