وقال ابن عطيّة (١) : تأكيد فيه معنى الحال من الضمير في «موعدهم» ، والعامل فيه معنى الإضافة ، قاله أبو البقاء».
وفي مجيء الحال من المضاف إليه ، خلاف ، ولا يعمل فيها الموعد ، إن أريد به المكان ، فإن أريد به المصدر ، جاز أن يعمل ؛ لأنه مصدر ، ولكن لا بدّ من حذف مضاف ، أي : مكان موعدهم.
قوله تعالى : (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) يجوز في هذه الجملة أن تكون مستأنفة ، وهو الظاهر ، ويجوز أن تكون خبرا ثانيا ، ولا يجوز أن تكون حالا من «جهنّم» ؛ لأن «إنّ» لا تعمل في الحال ، قاله أبو البقاء. وقياس ما ذكروه في «ليت ، وكأنّ ، ولعلّ» من أخواتها من إعمالها في الحال ؛ لأنّها بمعنى : تمنيّت وشبهت ، وترجيت أن تعمل فيها «إنّ» أيضا ؛ لأنّها بمعنى أكدت ، ولذلك عملت عمل الفعل ، وهي أصل الباب.
فصل
قال عليّ ـ كرم الله وجهه ـ : هل تدرون كيف أبواب النّار؟ ووضع إحدى يديه على الأخرى ، أي : سبعة أبواب ، بعضها فوق بعض ، وإنّ الله ـ تعالى ـ وضع الجنان على العرض ، ووضع النّيران بعضها على بعض.
قال ابن جريج : النار سبع دركات : أولها جهنّم ، ثمّ لظى ، ثم الحطمة ، ثم السعير ، ثم سقر ، ثم الجحيم ، ثم الهاوية.
قال الضحاك : الطبقة الأولى : فيها أهل التوحيد ، يعذّبون على قدر أعمالهم ثم يخرجون منها ، والثانية : لليهود والثالثة : للنّصارى ، والرابعة : للصابئين (٢) ، وروي أن الثانية : للنصارى ، والثالثة : لليهود ، والرابعة : للصابئين ، والخامسة : للمجوس ، والسادسة : للمشركين ، والسابعة : للمنافقين ؛ قال تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) [النساء : ١٤٥].
قوله : «منهم» يجوز أن يكون حالا من «جزء» ؛ لأنّه في الأصل صفة له ، فلما قدمت ، انتصبت حالا ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير المستتر في الجارّ ، وهو : «لكلّ باب» ، والعامل في هذه الحال ، ما عمل في هذا الجارّ ، ولا يجوز أن يكون حالا من الضمير المستكن في : «مقسوم» ؛ لأنّ الصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف ، ولا يجوز أن تكون صفة ل «باب» ؛ لأنّ الباب ليس من النّاس.
وقرأ أبو جعفر : «جزّ» بتشديد الزّاي من غير همز ، فكأنه ألقى حركة الهمزة على الزّاي ، ووقف عليها فشدّدها ؛ كقولك : «خبّ» في «خبء خالد» ثم أجري الوصل مجرى الوقف.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٣٦٣.
(٢) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ٥١) والرازي (١٩ / ١٥١).