قوله : (وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ) الظاهر عود الضمير على المدينة ، أو القرى وقيل على الحجارة وقيل : على الآيات ، والمعنى : بطريق واضح قال مجاهد هذا طريق (١) معلم ، وليس بخفيّ ، ولا زائل.
ثم قال : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) ، أي : كل من آمن بالله ، ويصدق بالأنبياء ، والرّسل ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ ؛ عرف أنّما كان انتقام الله من الجهّال لأجل مخالفتهم ، وأمّا الذين لا يؤمنون ؛ فيحملونه على حوادث [العالم](٢) ، وحصول القرانات الكوكبية ، والاتصالات الفلكية.
قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ (٧٨) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ)(٧٩)
قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ) «إن» هي المخففة ، واللام فارقة وهي للتأكيد ، وقد تقدّم حكم ذلك [البقرة : ١٤٣].
و «الأيكة» : الشّجرة الملتفّة ، واحدة الأيك. قال : [الكامل]
٣٢٩٠ ـ تجلو بقادمتي حمامة أيكة |
|
بردا أسفّ لثاته بالإثمد (٣) |
ويقال : ليكة ، وسيأتي بيانه عند اختلاف القرّاء فيه في الشعراء : [١٧٦] إن شاء الله ـ تعالى ـ.
وأصحاب الأيكة : قوم شعيب كانوا أصحاب غياض ، وشجر ملتفّ.
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : وكان عامة شجرهم الدوم ، وهو المقل (٤).
(فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) بالعذاب.
روي أنّ الله ـ تعالى ـ سلّط عليهم الحر سبعة أيّام ، فبعث الله ـ سبحانه ـ سحابة فالتجئوا إليها يلتمسون الرّوح ؛ فبعث الله عليهم منها نارا ، فأحرقتهم ، فهو عذاب يوم الظّلة.
قوله تعالى : (وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ) في ضمير التثنية أقوال :
أرجحها : عوده على [قريتي](٥) قوم لوط ، وأصحاب الأيكة ، وهم : قوم شعيب ؛ لتقدّمهما ذكرا.
__________________
(١) سقط من : ب.
(٢) في ب : العوالم.
(٣) البيت للنابغة ينظر : البحر المحيط ٥ / ٤٤٤ ، القرطبي ١٠ / ٤٥ ، روح المعاني ١٤ / ٧٥ ، الدر المصون ٤ / ٣٠٦.
(٤) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ٥٥) ولم يعزه لأحد وأخرجه الطبري (٧ / ٥٣٠) عن قتادة بمثله وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٩٣ ـ ١٩٤) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٥) في ب : قرى.