وقيل : يعود على لوط وشعيب ، [وشعيب] لم يجر له ذكر ، ولكن دلّ عليه ذكر قومه.
وقيل : يعود على الخبرين : خبر إهلاك قوم لوط ، وخبر إهلاك قوم شعيب.
وقيل : يعود على أصحاب الأيكة ، وأصحاب مدين ؛ لأنه مرسل إليهما ، فذكر أحدهما يشعر بالأخرى.
وقوله ـ جل ذكره ـ (لَبِإِمامٍ مُبِينٍ) أي : بطريق واضح ، والإمام [اسم لما](١) يؤتمّ به.
قال الفراء ، والزجاج : «إنّما جعل الطّريق إماما ؛ لأنه يؤمّ ، ويتبع».
قال ابن قتيبة : لأنّ المسافر يأتمّ به حتى يصير إلى الموضع الذي يريده.
وقوله : «مبين» يحتمل أنه مبين في نفسه ، ويحتمل أنه مبين لغيره ، لأن الطريق تهدي إلى المقصد.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠) وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٨١) وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ (٨٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (٨٣) فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٤) وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ)(٨٦)
قوله : (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ).
قال صاحب «ديوان الأدب» : الحجر : ـ بكسر الحاء المهملة ، وتسكين الجيم ـ له ستّة معان :
فالحجر : منازل ثمود ، وهو المذكور هاهنا ، والحجر : الأنثى من الخيل. والحجر : الكعبة. والحجر : لغة في الحجر ، هو واحد الحجور في قوله تعالى : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) [النساء : ٢٣] والحجر : العقل ، قال تعالى : (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) [الفجر : ٥] ، والحجر : الحرام في قوله تعالى : (حِجْراً مَحْجُوراً) [الفرقان : ٥٣] أي : حراما محرما.
فصل
قال «المرسلين» ، وإنّما كذبوا صالحا وحده ؛ لأنّ من كذّب نبيّا ؛ فقد كذّب الأنبياء ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ لأنهم على دين واحد ولا يجوز التّفريق بينهم.
وقيل : كذّبوا صالحا ، وقيل : كذّبوا صالحا ومن تقدمه من النّبيين أيضا ، والله تعالى أعلم.
قال المفسرون : والحجر : اسم واد كان يسكنه ثمود قوم صالح ، وهو بين المدينة ، والشام ، والمراد ب «المرسلين» صالح وحده.
__________________
(١) في ب : الذي.