ومنه التفرقة أيضا ؛ كقوله : (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) [الروم : ٤٣] وقال : [الوافر]
٣٢٩٥ ـ ........... |
|
كأنّ بياض غرّته صديع (١) |
والصّديع : ضوء الفجر لانشقاق الظّلمة عنه ، يقال : انصدع ، وانفلق ، وانفجر ، وانفطر الصّبح ، ومعنى «فاصدع» فرق بين الحقّ والباطل وافصل بينهما.
وقال الراغب (٢) : الصّدع : الشقّ في الأجسام الصّلبة كالزجاج ، والحديد ، وصدّعته بالتشديد ، فتصدع وصدعته بالتخفيف ، فانصدع ، وصدع الرأس لتوهّم الانشقاق فيه ، وصدع الفلاة ، أي : قطعها ، من ذلك ، كأنّه توهم تفريقها.
ومعنى «فاصدع» قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنه ـ : أظهر (٣).
وقال الضحاك : أعلم (٤). وقال الأخفش : فرّق بين الحقّ والباطل ، وقال سيبويه : اقض.
و «ما» في قوله «بما تؤمر» مصدرية ، أو بمعنى الذي ، والأصل تؤمر به ، وهذا الفعل يطرد حذف الجار معه ، فحذف العائد فصيح ، وليس هو كقولك : جاء الذي مررت ، ونحوه : [البسيط]
٣٢٩٦ ـ أمرتك الخير فافعل ما أمرت به |
|
........... (٥) |
والأصل : بالخير.
وقال الزمخشريّ : «ويجوز أن تكون «ما» مصدرية ، أي : بأمرك مصدر مبنيّ للمفعول» انتهى.
وهو كلام صحيح ، والمعنى : فاصدع بأمرك ، وشأنك.
قالوا : وما زال النبي صلىاللهعليهوسلم مستخفيا حتى نزلت هذه الآية.
ونقل أبو حيّان عنه أنه قال : ويجوز أن يكون المصدر يراد به «أن» ، والفعل المبني للمفعول.
ثم قال أبو حيان (٦) : «والصحيح أنّ ذلك لا يجوز». قال شهاب الدين : الخلاف إنّما هو في المصدر ، والمصرح به هل يجوز أن ينحل بحرف مصدري ، وفعل مبني للمفعول أم لا يجوز؟ خلاف مشهور ، أمّا أنّ الحرف المصدري هل يجوز فيه أن يوصل بفعل مبني للمفعول ، نحو : يعجبني أن يكرم عمرو أم لا يجوز؟ فليس محل النّزاع.
__________________
(١) عجز بيت للشماخ وصدره :
ترى السرحان مفترشا يديه
ينظر : ملحق ديوانه ٤٤٧ ، ابن الشجري ٢ / ٢٤٠ ، البحر المحيط ٥ / ٤٥٤ ، اللسان «صدع» ، الدر المصون ٤ / ٣٠٩.
(٢) ينظر : المفردات ٢٧٦.
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ٨٦).
(٤) ينظر : المصدر السابق.
(٥) تقدم.
(٦) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٤٥٥.