فنسأل الله أن يصوننا عن الغي في الدين ، والخذلان في طلب اليقين.
فصل
والفرق بين السوء ، والفحشاء من وجهين :
الأول : أنّ السوء : جناية اليد ، والفحشاء : الزّنا.
الثاني : السّوء : مقدمات الفاحشة من القبلة ، والنّظر بالشّهوة. والفحشاء : هو الزنا.
قوله : «وكذلك» في هذه الكاف أوجه :
أحدها : أنّها في محل نصب ، وقدّره الزمخشريّ مثل ذلك التّثبيت ثبّتناه.
وقدّره الحوفيّ أريناه البراهين بذلك ، وقدّره ابن عطيّة : جرت أفعالنا ، وأقدارنا كذلك ، وقدره أبو البقاء : نراعيه كذلك.
الثاني : أن الكاف في محل رفع ، فقدّره الزمخشريّ ، وأبو البقاء : الأمر مثل ذلك ، وقدّره ابن عطيّة : عصمته كذلك. وقال الحوفيّ : أمر البراهين بذلك ثمّ قال : والنصب أجود لمطالبة حروف الجرّ للأفعال أو معانيها.
الثالث : أنّ في الكلام تقديما ، وتأخيرا ، تقديره : همّت به ، وهمّ بها كذلك ثم قال : لو لا أن رأى برهان ربه ، كذلك لنصرف عنه ما هم بها هذا نص ابن عطيّة.
وليس بشيء ؛ إذ مع تسليم جواز التّقديم ، والتّأخير لا معنى لما ذكره.
قال أبو حيّان (١) : وأقول : إنّ التقدير : مثل تلك الرّؤية ، أو مثل ذلك الرّأي نري براهيننا ، لنصرف عنه ، فتجعل الإشارة إلى الرّأي ، أو الرّؤية ، والنّاصب الكاف مما دل عليه قوله : (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) ، و «لنصرف» متعلق بذلك الفعل النّاصب للكاف ، ومصدر «رأى» «رؤية ورأي» ؛ قال : [الرجز]
٣٠٧٦ ـ ورأي عينيّ الفتى أباكا |
|
[يعطي الجزيل فعليك ذاكا](٢) |
وقرأ (٣) الأعمش «ليصرف» بياء الغيبة ، والفاعل هو الله ـ سبحانه وتعالى ـ قوله تعالى: (الْمُخْلَصِينَ) قرأ هذه اللفظة [حيث وردت](٤) إذا كانت معرفة بأل (٥) مكسورة
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٢٩٥.
(٢) البت لرؤبة بن العجاج. ينظر : ملحق ديوانه ١٨١ والدرر ٢ / ٢٨ والكتاب ١ / ١٩١ والمقاصد النحوية ١ / ٥٧٢ وتخليص الشواهد ص ٢١٢ والهمع ١ / ١٠٧ ، ٢ / ٩٣ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٩٨ والخزانة ٥ / ٣٦٢ والأشموني ١ / ٢٢٠ وروح المعاني ١٢ / ٢١٧ والدر المصون ٤ / ١٧٠.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٣٥ ، والبحر المحيط ٥ / ٢٩٦ والدر المصون ٤ / ١٧٠.
(٤) سقط في ب.
(٥) ينظر : الحجة ٤ / ٤٢٠ ، ٤٢١ وإعراب القراءات السبع ١ / ٣٠٩ وحجة القراءات ٣٥٨ ، ٣٥٩ والإتحاف ٢ / ١٤٥ وقرأ بها أيضا الحسن بن أبي الحسن وأبو رجاء ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٣٥ وينظر : البحر المحيط ٥ / ٢٩٦ والدر المصون ٤ / ١٧٠.