يريد بأصل المنادى : أنه مفعول به ، فحقه النصب ؛ كالبيت الذي أنشده ، واتفق أن يوسف لا ينصرف ، ففتحته فتحة إعراب.
والثاني ، وجعله الأشبه : أن يكون وقف على الكلمة ، ثم وصل ، وأجرى الوصل مجرى الوقف ؛ فألقى حركة الهمزة على الفاء ، وحذفها ؛ فصار اللفظ بها : (يُوسُفُ أَعْرِضْ) ؛ وهذا كما حكي : «الله أكبر ، أشهد ألّا» ، بالوصل والفتح في الجلالة وفي «أكبر» ، وفي «أشهد» ؛ وذلك أنه قدّر الوقف على كل كلمة من هذه الكلم ، وألقى حركة الهمزة [من](١) كل من الكلم الثّلاث ، على السّاكن قبله ، وأجرى الوصل مجرى الوقف في ذلك.
والذي حكوه الناس ، إنّما هو في «أكبر» خاصّة ؛ لأنّها مظنة الوقف ، وتقدم ذلك في سورة آل عمران [الآية : ١].
وقرىء (٢) : «يوسف أعرض» بضمّ الفاء ، و «أعرض» فعلا ماضيا ، وتخريجها أن يكون «يوسف» مبتدأ ، و «أعرض» جملة من فعل وفاعل خبره.
قال أبو البقاء : «وفيه ضعف ؛ لقوله : (وَاسْتَغْفِرِي) ، وكان الأشبه أن يكون بالفاء: «فاستغفري».
قوله تعالى : (وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٠) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١) قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ) (٣٢)
قوله تعالى : (وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ) الآية ، النسوة فيها أقوال :
[أشهرها](٣) : أنه جمع تكسير للقلّة ، على فعلة ؛ كالصبية والغلمة ، ونصّ بعضهم على عدم اطّرادها ، وليس لها واحد من لفظها (٤).
الثاني : أنها اسم مفرد ، لجمع المرأة ؛ قاله الزمخشريّ.
الثالث : أنّها اسم جمع (٥) ؛ قاله أبو بكر بن السّراج ـ رحمهالله ـ ، وكذلك أخواتها ، كالصّبية ، والفتية.
وقيل : على كلّ قول ، فتأنيثها غير حقيقي ، باعتبار الجماعة ؛ ولذلك لم يلحق فعلها تاء التأنيث.
__________________
(١) في ب : على.
(٢) ينظر : الدر المصون ٤ / ١٧٢.
(٣) في ب : أحدها.
(٤) ينظر : الكتاب ٣ / ٣٨٦ ، والمقتضب ٢ / ٢٠٩ ، ٢١٠ ، والخصائص ١ / ٢٤٩.
(٥) ينظر : الأصول في النحو ١ / ١٧٤.