وقال الواحديّ : تقديم الفعل يدعو إلى إسقاط علامة التأنيث ، على قياس إسقاط علامة التّثنية ، والجمع.
والمشهور : كسر نونها ، ويجوز ضمّها في لغة ، ونقلها أبو البقاء (١) عن قراءة ، قال القرطبي (٢) : وهي قراءة الأعمش ، والمفضل والسلمي.
وإذا ضمّت نونه ، كان اسم جمع بلا خلاف ، ويكسّر في الكثرة على نسوان ، والنساء : جمع كثرة أيضا ، ولا واحد له من لفظه ، كذا قاله أبو حيّان (٣).
ومقتضى ذلك ألّا يكون النساء جمعا لنسوة ؛ لقوله : لا واحد له من لفظه.
و «في المدينة» ؛ يجوز تعلّقه بمحذوف ، صفة ل «نسوة» ، وهو ظاهر ، ويقال : ليس بظاهر.
فصل في عدد النسوة
قي : إنّهن خمس : امرأة حاجب الملك ، وامرأة صاحب دوابه ، وامرأة الخازن ، وامرأة السّاقي ، وامرأة صاحب السّجن ، قاله مقاتل.
وقال الكلبيّ : أربع ؛ فأسقط امرأة الحاجب. والأشبه أنّ تلك الواقعة شاعت في البلد ، واشتهرت ، وتحدث بها النساء ، والمراد بالمدينة : مصر ، وقيل : مدينة عين شمس.
قوله : «تراود» خبر (امْرَأَتُ الْعَزِيزِ) ، وجيء بالمضارع ، تنبيها على أنّ المراودة صارت سجية لها ، وديدنا ، دون الماضي فلم يقل : راودت ، ولام الفتى ياء ؛ لقولهم : الفتيان ، وفتى ، وعلى هذا ؛ فقولهم : الفتوّة في المصدر شاذّ.
قال : «فتاها» (٤) ، وهو فتى زوجها ؛ لأن يوسف كان عندهم في حكم المماليك ، وكان ينفذ أمرها فيه.
وروى مقاتل ، عن أبي عثمان النهدي ، عن سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ قال : «إنّ امرأة العزيز استوهبت يوسف من زوجها ، فوهبه لها ، وقال : ما تصنعين به؟ قالت : أتخذه ولدا ، قال : هو لك ؛ فربّته حتى [أيفع](٥) ، وفي نفسها منه ما في نفسها (٦) ، فكانت تتكشّف له ، وتتزيّن ، وتدعوه من وجه اللّطف ؛ فعصمه الله».
قوله : (قَدْ شَغَفَها حُبًّا) ، وهذه الجملة يجوز أن تكون خبرا ثانيا ، وأن تكون مستأنفة ، وأن تكون حالا ؛ إمّا من فاعل «تراود» ، وإمّا من مفعوله ، و «حبّا» تمييز ؛ وهو منقول من الفاعليّة ، إذ الأصل : قد شغفها حبّه.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٤ / ١٧٢ والجامع لأحكام القرآن ٩ / ١١٦.
(٢) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ٩ / ١١٦.
(٣) سقط في ب.
(٤) في أ : قتادة.
(٥) في أ : بلغ.
(٦) في ب : نفسه.