قال الطبريّ : البيت مصنوع.
فصل في صفة يوسف الخلقية
روى أبو سعيد الخدريّ رضي الله عنه : قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رأيت ليلة أسري بي إلى السّماء يوسف ، كالقمر ليلة البدر» (١).
وقال إسحاق بن أبي فروة : «كان يوسف ـ عليه الصلاة والسلام ـ إذا سار في أزقّة مصر يرى تلألؤ وجهه على الجدران ، كما يرى نور الشّمس في الماء عليها» (٢).
وقال عليه الصلاة والسلام ـ في حديث الإسراء : «فمررت بيوسف فإذا هو قد أعطي شطر الحسن» (٣).
قال العلماء ـ رضي الله عنهم ـ : معناه أنه كان على النّصف من حسن آدم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ؛ لأنّ الله تعالى ـ خلقه بيده ؛ فكان في غاية الحسن البشريّ ؛ ولهذا يدخل أهل الجنة على صورته ، وكان يوسف على النصف ، ولم يكن بينهما أحسن منهما ، كما أنّه لم يكن بعد حوّاء ـ عليهاالسلام ـ أشبه بها من «سارّة» امرأة الخليل ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ.
قال أبو العالية : «هالهنّ أمره إنّهن من دهشتهنّ ، وحيرتهنّ ؛ قطّعن أيديهنّ ، وهنّ يحسبن أنّهن يقطّعن الأترجّ ، ولم يجدن الألم ؛ لشغل قلوبهنّ بيوسف» (٤).
وقال مجاهد : ما أحسسن إلا بالدّم ، وذلك كناية عن الجرح ، لا أنّهن أبنّ أيديهنّ ، كما قال قتادة (٥).
وقيل : إنهن لما دهشن ، صارت المرأة منهن بحيث لا تميز نصاب السّكين من حديدها ؛ فكانت تأخذ الجانب الحادّ من تلك السكين بكفّها ؛ فكانت تحصل تلك الجراحة بكفها.
__________________
ـ ومعاني الزجاج ٣ / ١٠٦ والطبري ١٢ / ١٢٢ والقرطبي ٥ / ٢٣٦ والدر المصون ٤ / ١٧٥ ، وروي (نأتي النساء) بالنون.
(١) له شاهد من حديث أنس بن مالك بلفظ : أعطي يوسف وأمه شطر الحسن.
أخرجه أحمد (٣ / ٢٨٦) والحاكم (٢ / ٥٧٠) والطبري في «تفسيره» (٧ / ٢٠٥) وفي «تاريخه» (١ / ٣٣٠).
وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٠) وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه.
(٢) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٤٢٣).
وذكره أيضا السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٠) وعزاه إلى أبي الشيخ.
(٣) أخرجه مسلم ١ / ١٤٥ في الإيمان باب الإسراء برسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى السماوات ، وفرض الصلوات (٢٥٩ ـ ١٦٢).
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢٠٤) عن ابن عباس وقتادة والسدي وابن إسحاق بمعناه.
(٥) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٤٢٣).