غيره ، فبلغ ذلك عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ فكتب إليه : «إنّ هذا القرآن نزل بلغة قريش فأقرىء النّاس بلغتهم» وإبدال الحاء عينا لغة هذيل.
فصل في معنى الآية
المعنى : ثمّ بدا للعزيز ، وأصحابه في الرأي ؛ وذلك أنّهم أرادوا أن يقتصروا من أمر «يوسف» على الإعراض عنه ، ثم بدا لهم أن يحبسوه من بعد ما رأوا الآيات الدّالة على براءة «يوسف» من : قدّ القميص ، وكلام الشّاهد ، وقطع النساء أيديهنّ ، وذهاب عقولهنّ (لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) : إلى مدّة يرون فيها رأيهم.
وقال عطاء عن ابن عبّاس ـ رضي الله عنهم ـ : إلى أن تنقطع قالة النّاس (١) ، قال عكرمة : تسع سنين (٢) ، وقال الكلبيّ : خمس سنين (٣).
قال السديّ : وذلك أنّ المرأة قالت لزوجها : إنّ هذا العبرانيّ قد فضحني في الناس ؛ يخبرهم بأنّي راودته عن نفسه ، فإمّا أن تأذن لي أن أخرج ، فأعتذر إلى الناس ، وإما أن تحبسه ؛ فحبسه (٤).
قال ابن عبّاس ـ عثر يوسف ثلاث عثرات : حين همّ بها ؛ فسجن ، وحين قال : (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) [يوسف : ٤٢] ؛ (فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) [يوسف : ٤٢] ، وحين قال لإخوته : (إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) [يوسف : ٧] ؛ (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) (٥) [يوسف : ٧].
قوله : (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ) [يوسف : ٣٦] قيل : هما غلامان للملك الأكبر بمصر :
أحدهما : خبّاز ، صاحب طعامه.
والآخر : صاحب شرابه ، غضب الملك عليهما فحبسهما.
قوله «قال أحدهما» : مستأنف لا محلّ له ، ولا يجوز أن يكون حالا ؛ لأنهما لم
__________________
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٤٢٥).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢١١) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٢) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وأبي الشيخ. وذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٤٢٥).
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٤٢٥).
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢١١) وذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٤٢٥).
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢١١) والحاكم (٢ / ٣٤٦) من طريق خصيف عن عكرمة عن ابن عباس.
وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وتعقبه الذهبي فقال : خبر منكر وخصيف ضعفه أحمد ومشاه غيره ولم يخرجا له والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٢) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.