أنفسهم وسوء آرائهم فيقولون : إنّ المراد رجعة حقائقهم وصفاتهم ، في هياكل متجدّدة وأجساد غير ما كانوا عليه في الأزمنة السابقة ، وقد بيّنا فساد هذه العقيدة في جملة من رسائلنا .
نعم ، اختلفت الأخبار ظاهراً في كيفيّة الرجعة ، وترتيب مَن يرجع من الأئمّة عليهمالسلام ولا حاجة بنا مهمّة إلى الجمع بينهما بعد تسليم أصل الرجعة ، وليعلم أنّ الرجعة لا تصدق على ظهور القائم عليهالسلام فإنّه عليهالسلام : حيٌّ موجود الآن لا شكَ في حياته يظهر بعد ذلك متىٰ شاء الله فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً (١) .
فإذا مضىٰ مِن أوّل ظهوره تسع وخمسون سنة خرج الحسين عليهالسلام وهو صامت إلى أن تمضي إحدى عشرة سنة فتقتله امرأة من بني تميم لها لحية كلحية الرجل تسمّى (سعيدة) وهي شقيّة ، فيتولّىٰ الحسين عليهالسلام تجهيزه فيقوم بالأمر بعده (٢) ، فالرجعة من زمن خروج الحسين عليهالسلام إلى أن يرفع مع رسول الله صلىاللهعليهوآله وسائر الأئمّة عليهمالسلام إلى السماء ، وذلك بعد كمال دينهم وسلطنتهم كما وعدهم الله .
وقوله : (بشرايع ديني) أمّا متعلِّق بموقن كما تقدّم أو بمحذوف ليكون حالاً من المستتر في أشهد الله أو في موقن أي متلبّساً بشرائع ديني أي طرائقه وسبله ، وفيه إشارة إلى أنّ مجرّد الإيمان بهم لا يكفي بل لابدّ في ذلك من الائتمار بأوامرهم ، والانتهاء بنواهيهم ، وإطاعتهم فيما شرعوه من الأحكام ، والحدود ، والانقياد لهم فيما يأمرون به ، وينهون عنه فمَن لم يكن كذلك فهم عليهمالسلام منه براء
________________________
١ ـ روضة الواعظين ص ٢٦١ ، ج ٢ ط ؛ الشريف الرضي .
٢ ـ حلية الأبرار ج ٢ ، ص ٦٤٣ .