وقال الحسن : هي القناعة (١) ، وقال مجاهد وقتادة : هي الجنّة (٢).
قال القاضي : الأقرب أنها تحصل في الدنيا ؛ لقوله تعالى : (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) والمراد : ما [لا](٣) يكون في الآخرة.
قوله : «ولنجزينّهم» راعى معنى «من» ، فجمع الضمير بعد أن راعى لفظها ، فأفرد في «لنحيينه» وما قبله ، وقرأ العامة : «ولنجزينه» بنون العظمة ؛ مراعاة لما قبله ، وقرأ ابن عامر في رواية بياء الغيبة ، وهذا ينبغي أن يكون على إضمار قسم ثان ، فيكون من عطف جملة قسميّة على جملة قسمية مثلها ، حذفتا وبقي جوابهما ، ولا جائز أن يكون من عطف جواب على جواب ؛ لإفضائه إلى [إخبار](٤) المتكلّم عن نفسه إخبار الغائب ، ولا يجوز ؛ لو قلت : «زيد قال : والله لأضربن هندا ولينفينّها زيد» لم يجز ، فإن أضمرت قسما آخر ، جاز ، أي : وقال : والله لينفينّها فإن لك في مثل هذا التركيب أن تحكي لفظه ، ومنه (وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى) [التوبة : ١٠٧] وأن يحكي معناه ، ومنه (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا) [التوبة : ٧٤] ولو جاء على اللفظ ، لقيل ما قلنا.
قوله تعالى : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠) وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٠١) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (١٠٢) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (١٠٣) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤) إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٠٥) مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠٦) ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (١٠٧) أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٠٨) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي
__________________
ـ عن سعيد بن جبير وعطاء وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٢٤٤) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٦٤٢).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٦٤٢) وذكره البغوي (٣ / ٨٤).
(٣) زيادة من : أ.
(٤) في ب : جواب.