قوله : «وجعلناه» يجوز أن يعود ضمير النّصب للكتاب ، وهو الظاهر ، وأن يعود لموسى ـ عليهالسلام ـ.
وقوله : (لِبَنِي إِسْرائِيلَ) يجوز تعلقه بنفس «هدى» كقوله : (يَهْدِي لِلْحَقِ) [يونس : ٣٥] ، وأن يتعلق بالجعل ، أي : جعلناه لأجلهم ، وأن يتعلق بمحذوف نعتا ل «هدى».
قوله : (أَلَّا تَتَّخِذُوا) يجوز أن تكون «أن» ناصبة على حذف حرف العلّة ، أي : وجعلناه هدى لئلّا تتخذوا. وقيل : «لا» مزيدة ، والتقدير : كراهة أن تتخذوا ، وأن تكون المفسرة بمعنى «أي» و«لا» ناهية ، فالفعل منصوب على الأوّل ، مجزوم على الثاني ، وأن تكون مزيدة عند بعضهم ، والجملة التي بعدها معمولة لقول مضمر ، أي : مقولا لهم : لا تتخذوا ، أو قلنا لهم : لاتتخذوا ، قاله الفارسيّ. وهذا ظاهر في قراءة الخطاب. وهذا مردود بأنه ليس من مواضع زيادة «أن».
وقرأ أبو عمرو (١) «ألّا يتّخذوا» بياء الغيبة ؛ جريا على قوله (لِبَنِي إِسْرائِيلَ) والباقون بالخطاب التفاتا. ومعنى الآية : (وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) ؛ لئلّا يتخذوا من دوني وكيلا أي : ربّا يكلون إليه أمورهم.
و«أن» في قراءة من قرأ بالياء في «ألّا يتّخذوا» في موضع نصب على حذف الخافض ، أي : لئلّا يتّخذوا ، ومن قرأ بالتاء فتحتمل «أن» ثلاثة أوجه :
أن تكون لا موضع لها ، وهي التفسيرية.
وأن تكون زائدة ، ويكون الكلام خبرا بعد خبر ؛ على إضمار القول.
وأن تكون في موضع نصب و«لا» زائدة ، وحرف الجرّ محذوف مع «أن» قاله مكيّ.
قوله تعالى : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً)(٣)
قوله : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ).
العامّة على نصب «ذريّة» وفيها أوجه :
أحدها : أنها منصوبة على الاختصاص ، وبه بدأ الزمخشري.
الثاني : أنّها منصوبة على البدل من «وكيلا» ، أي : ألّا تتخذوا من دوني ذرية من حملنا.
الثالث : أنها منصوبة على البدل من «موسى» ذكره أبو البقاء ، وفيه بعد.
__________________
(١) قال أبو حيان : قرأ ابن عباس ومجاهد وقتادة وعيسى وأبو رجاء وأبو عمرو من السبعة : يتخذوا بالياء على الغيبة.
ينظر : السبعة ٣٧٨ ، والتيسير ١٣٩ ، والحجة ٣٩٦ ، والنشر ٢ / ٣٦ ، والإتحاف ٢ / ١٩٣ ، والقرطبي ١٠ / ٦٤٠ ، والبحر ٦ / ٧.