الرابع : أنه نعت ل «سيّئة» ، وإنما ذكر لأن «سيّئة» تأنيث موصوفه مجازي ؛ وقد ردّ هذا ؛ بأن ذلك إنّما يجوز حيث أسند إلى المؤنث المجازيّ ، أمّا إذا أسند إلى ضميره ، فلا ؛ نحو : «الشّمس طالعة» لا يجوز : «طالع» إلا في ضرورة كقوله :
٣٤٢٢ ـ ........... |
|
ولا أرض أبقل إبقالها (١) |
وهذا عند غير ابن كيسان ، وأمّا ابن كيسان فيجيز في الكلام : «الشّمس طلع ، وطالع».
وقيل : إنما ذكّر سيّئة وهي الذنب ، وهو مذكر [لأن التقدير : كل ذلك كان مكروها وسيّئة عند ربك](٢) وقيل فيه تقديم وتأخير ، أي كل ذلك كان مكروها سيّئة.
فصل
وأمّا قراءة عبد الله فهي ممّا أخبر فيها عن الجمع إخبار الواحد ؛ لسدّ الواحد مسدّه ؛ كقوله :
٣٤٢٣ ـ فإمّا تريني ولي لمّة |
|
فإنّ الحوادث أودى بها (٣) |
لو قال : فإنّ الحدثان ، لصحّ من حيث المعنى ، فعدل عنه ؛ ليصحّ الوزن.
وقرأ عبد الله أيضا «كان سيّئات» بالجمع من غير إضافة ، وهو خبر «كان» وهي تؤيّد قراءة الحرميّين ، وأبي عمرو.
فصل
قال القاضي (٤) ـ رحمهالله ـ : دلّت هذه الآية على أنّ هذه الأعمال مكروهة عند الله تعالى ، والمكروه لا يكون مرادا ، فهذه الأعمال غير مراد الله ، فبطل قول من يقول : كل ما دخل في الوجود ، فهو مراد الله تعالى ، وإذا ثبت أنها ليست بإرادة الله تعالى ، وجب ألّا تكون مخلوقة ـ لله تعالى ـ ؛ لأنّها لو كانت مخلوقة لله تعالى ، لكانت مرادة ، لا يقال : المراد من كونها مكروهة : أنّ الله تعالى نهى عنها.
وأيضا : معنى كونها مكروهة أنّ الله تعالى كره وقوعها ، وعلى هذا التقدير : فهذا لا يمنع أنّ الله تعالى أراد وجودها ، لأنّ الجواب أنه عدول عن الظاهر.
وأيضا : فكونها سيّئة عند ربّك يدلّ على كونها منهيّا عنها ، فلو حملت المكروه على النّهي ، لزم التّكرار.
والجواب عن الثاني أنه تعالى إنما ذكر هذه الآية في معرض الزجر عن هذه الأفعال ، ولا يليق بهذا الموضع أن يقال : إنه تعالى يكره وقوعها.
__________________
(١) تقدم.
(٢) زيادة من «الرازي» يستقيم بها النص.
(٣) تقدم.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٢٠ / ١٧٠.