الثاني : أنه منصوب على المصدر أيضا ، لكن بمضمر ، أي : يجازون جزاء.
الثالث : أنه حال موطئة ك «جاء زيد رجلا صالحا».
الرابع : أنه تمييز ، وهو غير متعقّل.
و«موفورا» اسم مفعول ، من وفرته ، ووفر يستعمل متعدّيا ، ومنه قول زهير : [الطويل]
٣٤٣٥ ـ ومن يجعل المعروف من دون عرضه |
|
يفره ومن لا يتّق الشّتم يشتم (١) |
والآية الكريمة من هذا ، ويستعمل لازما ، يقال : وفر المال يفر وفورا ، فهو وافر ، فعلى الأول : يكون المعنى جزاء موفّرا ، وعلى الثاني : يكون المعنى جزاء وافرا مكمّلا يقال : وفرته أفره وفرا.
قوله تعالى : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ غُرُوراً (٦٤) إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً)(٦٥)
قوله تعالى : (وَاسْتَفْزِزْ) : جملة أمرية عطفت على مثلها من قوله «اذهب». و«من استطعت» يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أنها موصولة في محلّ نصب مفعولا للاستفزاز ، أي : استفزز الذي استطعت استفزازه منهم.
والثاني : أنها استفهامية منصوبة المحلّ ب «استطعت» قاله أبو البقاء (٢) ، وليس بظاهر ؛ لأن «استفزز» يطلبه مفعولا به ، فلا يقطع عنه ، ولو جعلناه استفهاما ، لكان معلقا له ، وليس هو بفعل قلبيّ [فيعلق].
والاستفزاز : الاستخفاف ، واستفزّني فلان : استخفّني حتى خدعني لما يريده. قال : [الطويل]
٣٤٣٦ ـ يطيع سفيه القوم إذ يستفزّه |
|
ويعصي حليما شيّبته الهزاهز (٣) |
ومنه سمّي ولد البقرة «فزّا». قال الشاعر : [البسيط]
٣٤٣٧ ـ كما استغاث بسيء فزّ غيطلة |
|
خاف العيون ولم ينظر به الحشك (٤) |
__________________
(١) ينظر : ديوانه (٣٠) ، وشرح القصائد السبع ٢٨٧ ، وروح المعاني ١٥ / ١١٠ ، والبحر المحيط ٦ / ٥٥ ، والدر المصون ٤ / ٤٠٥.
(٢) ينظر : الإملاء ٢ / ٩٤.
(٣) ينظر البيت في البحر ٦ / ٦٣ ، الدر المصون ٤ / ٤٠٥.
(٤) تقدم.