٣٤٤٥ ـ غدوا وغدت غزلانهم فكأنها |
|
ضوامن من غرم لهن تبيع (١) |
فصل
ومعنى الآية (أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ) ، يعني في البحر (تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً).
قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : أي عاصفا ، وهي الريح الشديدة (٢) وقال أبو عبيدة: هي الريح التي تقصف كل شيء ، أي : تدقه وتحطمه (فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) ناصرا ولا ثائرا ، وتبيع بمعنى تابع ، أن تابعا مطالبا بالثأر.
وقال الزجاج ـ رضي الله عنه ـ : من يتبعنا بإنكار ما نزل بكم ، ولا من يتبعنا بأن نصرفه عنكم.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً)(٧٠)
وهذه نعمة أخرى عظيمة من نعم الله ـ تعالى ـ على الإنسان ، وهي تفضيل الإنسان على غيره.
واعلم أنه ليس المراد من الكرم في المال. وعداه بالتضعيف ، وهو من كرم بالضم ك «شرف» ، قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : كل شيء يأكل بفيه إلا ابن آدم يأكل بيديه(٣).
وروي عنه أنه قال : بالعقل (٤).
وقال الضحاك : بالنطق والتمييز (٥).
وقال عطاء : بتعديل القامة ، وامتدادها (٦).
وينبغي أن يشترط مع هذا شرط ، وهو طول العمر ، مع استكمال القوة العقلية والحسية والحركية ، وإلا فالأشجار أطول قائمة من الإنسان ، والدواب منكبة على وجوهها.
__________________
(١) ينظر البيت في تفسير الطبري ١٥ / ٨٥ ، البحر ٦ / ٥٨ ، الدر المصون ٤ / ٤٠٨.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ١١٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٤٩) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٥ / ٧٧) رقم (٥٨٤١) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٥٠) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس.
وله شاهد من حديث جابر مرفوعا بلفظ : الكرامة الأكل بالأصابع ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٥١) وعزاه إلى الحاكم في «التاريخ» والديلمي في «مسند الفردوس».
وذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ١٢٥).
(٤) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ١٢٥).
(٥) ينظر : المصدر السابق.
(٦) ينظر : المصدر السابق.