والثاني : أنّ أصله النجوم ، وفعل يجمع على فعول ؛ نحو : فلس وفلوس ، ثم خفّف بحذف الواو ، كما قالوا : أسد وأسود وأسد.
قال أبو البقاء (١) ؛ «وقالوا في «خيام : خيم» يعني أنّه نظيره من حيث حذفوا فيه حرف المدّ.
وقال ابن عصفور : «إنّ قولهم : «النّجم» من ضرورات الشّعر» وأنشد : [الرجز]
٣٣٠٦ ـ إنّ الذي قضى بذا قاض حكم |
|
أن ترد الماء إذا غاب النّجم (٢) |
يريد النجوم. كقوله : [الرجز]
٣٣٠٧ ـ حتّى إذا بلّت حلاقيم الحلق (٣)
يريد الحلوق.
وأمّا قراءة الضمّ ، والسكون ، ففيها وجهان :
أحدهما : أنها تخفيف من الضمّ.
والثاني : أنها لغة مستقلة. وتقديم كلّ من الجارّ ، والمبتدأ ، يفيد الاختصاص ، قال الزمخشريّ ـ رحمهالله ـ : «فإن قلت : قوله تعالى : (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) مخرج عن سنن الخطاب مقدم فيه «النجم» مقحم فيه «هم» كأنه قيل : وبالنجم خصوصا هؤلاء خصوصا ، فمن المراد بهم؟.
قلت : كأنه أراد قريشا كان لهم اهتداء بالنجوم في مسائرهم ، وكان لهم به علم لم يكن لغيرهم ؛ فكان الشكر عليهم أوجب ، ولهم ألزم».
وقال بعض المفسرين : قوله تعالى : (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) مختصّ بسفر البحر ؛ لأنه تعالى لما ذكر صفة البحر ، ومنافعه ، بيّن أنّ من يسير فيه يهتدون بالنجم.
وقال بعضهم : هو مطلق في سفر البحر والبرّ.
فصل في المراد بالعلامات
المراد بالعلامات : معالم الطريق ، وهي الأشياء التي يهتدى بها ، وهذه العلامات هي الجبال والرياح.
__________________
(١) ينظر : الإملاء ٢ / ٧٩.
(٢) البيت للأخطل. ينظر : ديوانه (٢٥١) ، المنصف ١ / ٣٤٨ ، الخصائص ٣ / ١٣٤ ، المحتسب ١ / ١٩٩ ، ٢ / ٨ ، سر صناعة الإعراب ١٠ / ٣٤٨ ، اللسان (نجم) ، البحر المحيط ٥ / ٤٦٧ ، الألوسي ١٤ / ١١٧ ، القرطبي ١٠ / ٦١ ، الدر المصون ٤ / ٣١٨.
(٣) البيت لرؤبة. ينظر : الخصائص ١ / ٣٤٨ ، المنصف ١ / ٣٤٨ ، البحر ٥ / ٤٦٧ ، معاني القرآن ٣ / ٣٢ ، العمدة ٢ / ٢٧٤ ، الألوسي ١٤ / ١١٧ ، سر صناعة الإعراب ٢ / ٦٣٢ ، اللسان (حلق) ، البحر ٤٦٧ ، المذكر والمؤنث للأنباري ٢٦٢ ، ضرائر الشعر ١٢٩ ، الدر المصون ٤ / ٣١٨.