ولا يقاس عليه ، والإنفاق مصدر «أنفق» ، أي : أخرج المال ، وقال أبو عبيدة : «هو بمعنى الافتقار ، والإقتار».
قوله : (خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي) ، أي : نعمة ربّي.
(إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ) لبخلتم.
(خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) : الفاقة.
وقيل : خشية النفاق يقال : أنفق الرجل ، أي : أملق ، وذهب ماله ، ونفق الشّرّ ، أي : ذهب.
وقيل : لأمسكتم عن الإنفاق ؛ خشية الفقر ، ومعنى «قتورا» : قال قتادة : بخيلا ممسكا(١).
يقال : أقتر يقتر إقتارا ، وقتّر تقتيرا : إذا قصّر في الإنفاق.
فإن قيل : قد حصل في الإنسان الجواد ، والكريم.
فالجواب من وجوه :
الأول : أن الأصل في الإنسان البخل ؛ لأنّه خلق محتاجا ، والمحتاج لا بد وأن يحبّ ما به يدفع الحاجة ، وأن يمسكه لنفسه ، إلا أنّه قد يجود به [الأسباب](٢) من خارج ، فثبت أنّ الأصل في الإنسان البخل.
الثاني : أنّ الإنسان إنّما يبذل ؛ لطلب الحمد ، وليخرج من عهدة الواجب ، ثم للتّقرّب إلى الله تعالى ، فهو في الحقيقة إنّما أنفق ليأخذ العوض ، فهو بخيل ، والمراد بهذا الإنسان المعهود السّابق ، وهم الذين قالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً (١٠١) قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (١٠٢) فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً (١٠٣) وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً)(١٠٤)
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) الآيات. اعلم أنّ المقصود من هذا الكلام هو الجواب عن قولهم : لن نؤمن لك ؛ حتّى تأتينا بهذه المعجزات الباهرة ؛ فقال تعالى :
__________________
ـ سيبويه ١ / ٢٠ ، شرح التصريح ١ / ٣٧٣ ، شرح المفصل ٢ / ٦٢ ، شرح ابن عقيل ص ٣٢٤ ، الكتاب ١ / ٣٧٢ ، لسان العرب (نغص) ، (عرك) ، (دخل) ، المقاصد النحوية ٣ / ٢١٩ ، الأشباه والنظائر ٦ / ٨٥ ، الإنصاف ٢ / ٨٢٢ ، جواهر الأدب ص ٣١٨ ، المقتضب ٣ / ٢٣٧ ، الدر المصون ٤ / ٤٢٣.
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ١٥٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٦٩) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وابن أبي حاتم.
(٢) سقط من أ.